الإعلان عن موافقة روسيا على خريطة دولية تتضمن مصير الأسد، وهو ما كشفته أمس محادثات ميخائيل بوغدانوف مع أحمد الجربا، يشكل مؤشراً لنجاح السعوديين في اقناع الروس بأن المدخل الوحيد للحل في سوريا هو إستجابة “جنيف -١”، وفرض عملية إنتقال سياسية كاملة تنصف الشعب السوري الذي يذبح من نحو خمسة أعوام على أيدي النظام والإرهابيين.
كل ما نشر في بيروت ولندن عن زيارة علي المملوك للسعودية حاول قلب الحقائق وتحريف الوقائع، ذلك ان الروس الذين ينشطون لتعويم الأسد الذي بدا على حافة إعلان الدولة العلوية في خطابه الأخير، ذهبوا الى السعوديين طالبين منهم وقف دعم المعارضة السورية لأن تأخّر الحل يؤجج الإرهاب، وهنا قال السعوديون: أنتم تعيقون جنيف بسبب مصير الاسد ولكن نحن لدينا حل يعيد الأمور الى اطارها السوري ويمنع التدخلات الخارجية. فقال الروس لماذا لا تبلغونه الى السوريين، فاشترط السعوديون ان يتم الأمر في حضور الروس وكان الهدف إحراج النظام والروس معاً!
بوغدانوف تولى ترتيب زيارة علي المملوك لجدة والتي حاول الأسد وحلفاؤه الإيرانيون تصويرها وكأنها تشكل تراجعاً او إنقلاباً في إستراتيجية المملكة حيال الأزمة السورية، بينما شكّلت خطوة ذكية نحو بداية إنقلاب في الموقف الروسي، وهو ما يثير الآن القلق في طهران والذعر في دمشق.
في حضور الروس طرح السعوديون مبادرتهم: تعالوا نبدأ بتحييد سوريا، نحن نوقف دعمنا للمعارضة وانتم تخرجون ايران و”حزب الله” والميليشيات الشيعية من سوريا، وعليه يصبح الأمر كما تردد موسكو دائماً أي ان يقرر السوريون مصيرهم تسويةً أو صراعاً.
المملوك الذي سأل وكيف يمكن ان نتصرف مع ايران و”حزب الله” طالباً فرصة للتفكير، لا يزال يفكر، في حين سعى الإيرانيون الى تصوير الأمور بطريقة معاكسة، عندما وضعوا في التداول سيناريو يقول ان المملكة إشترطت على الأسد الإبتعاد عن ايران كي تتقارب معه، وهو ترويج مضحك على الأقل قياساً بالموقف السعودي المعروف في دعمه للشعب السوري، وفي مطالبته منذ اعلان مبادرة الجامعة العربية، بعملية إنتقال سياسية كاملة تنهي النظام الذي دمر سوريا على رؤوس السوريين وجعل سوريا الولاية الأيرانية رقم ٣٥ كما أُعلن في طهران وبؤرة لـ”داعش” والإرهاب!
واضح تماماً ان السعودية التي تريد حلاً ينهي المذبحة في سوريا، تعمّدت وضع النقاط على حروف الروس لجهة تأكيد حتمية الإنتقال السياسي كمدخل الى الحل الذي ينشطون وراءه الآن ، وعلى أبجدية الاسد لتظهيرها امام الروس وغيرهم أنها فارسية ولن يكون في وسعه الخروج منها… والمضحك هو محاولة تصوير السعوديين وكأنهم يقبلون فعلاً بشراء بضاعة الأسد التي تجاوزت صلاحيتها منذ زمن!