Site icon IMLebanon

السعودية جمعت جعجع والحريري على خط واحد ضدّ حزب الله

 

يعتبر البعض أنّ عدم إنعقاد أيّ لقاء ثُنائي مُباشر بين كل من رئيس «تيّار المُستقبل» سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانيّة» الدُكتور سمير جعجع منذ أزمة رئيس الحُكومة في السعودية في تشرين الثاني من العام الماضي، أي مُنذ أكثر من أربعة أشهر هو دليل ساطع على إستمرار تدهور العلاقة بينهما. في المُقابل يعتبر البعض الآخر أنّ الخُلوة المُوسّعة التي عُقدت في الأيّام القليلة الماضية بين الحريري وجعجع بحُضور رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط أيضًا، وبُمشاركة وبمساعي من جانب كل من الوزير المفوّض القائم بأعمال السفارة السعوديّة في لبنان وليد البخاري، والمُستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، طوت صفحة الجفاء والقطيعة بين الطرفين. فأي من النظريّتين هي الأصحّ؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة تؤكد أن السعودية جمعت الحريري وجعجع على خط واحد ضدّ حزب الله، وان كل من يتحدّث عن إستمرار تدهور العلاقات بين «المستقبل» و«القوات» بسبب عدم عقد لقاء أو إجراء إتصال هنا، أو عن عودة العلاقات إلى سابق عهدها بسبب لقاء أو إتصال هناك، لا يعرف حقيقة الوضع القائم. وأوضحت أنّ العلاقة بين «المُستقبل» و«القوّات» ثابتة على المُستوى الإستراتيجي العريض، بسبب توافق الطرفين على العديد من القضايا الأساسيّة، من مسألة سلاح «حزب الله» مرورًا بالحرب في سوريا وُصولاً إلى علاقة لبنان مع الدول العربيّة وتحديدًا الخليجيّة منها، وغيرها الكثير من المواضيع، مُشيرة في الوقت عينها إلى أنّ الخلافات التكتيّة بين الطرفين ما زالت قائمة وهي التي لا تزال تحول دون عودة المياه إلى مجاريها بشكل مُشابه لما كانت الحال عليها في السابق.

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ الخلاف الأبرز بين الطرفين حاليًا هو بشأن كيفيّة التعامل مع باقي الأفرقاء في لبنان، ومع الملفّات الساخنة المتعدّدة، حيث تختلف نظرة «المُستقبل» عن نظرة «القوّات» في هذا الشأن. وأوضحت أنّ رئيس الحُكومة يميل في المرحلة الحاليّة إلى تهدئة الأمور بشكل كامل مع «التيّار الوطني الحُرّ»، وُصولاً إلى العمل على تعزيز التنسيق بين الطرفين لتأمين الأجواء المُناسبة لتحريك عجلة الدولة، ولتثبيت موقع الطرفين الأزرق والبرتقالي في الحُكم والسلطة طوال عهد الرئيس الحالي العماد ميشال عون. وأضافت أنّ الحريري مع إستثناء «حزب الله» فقط من سياسة التهدئة الإعلاميّة، والإكتفاء ببعض المواقف المُعارضة لسلاحه ولتدخّلاته الإقليميّة ولتهجّمه على السعودية، بشكل جزئي ولضرورات إنتخابيّة. ووصفت الأوساط نفسها السياسة التي ينتهجها الحريري و«تيّار المُستقبل» حاليًا بالمُهادنة الواقعيّة، بهدف ترسيخ الإستقرار ومنع شلّ السُلطة التنفيذيّة مُجدّدًا، على أن يتم تأجيل البحث في القضايا الشائكة والملفّات الساخنة إلى مرحلة لاحقة تكون فيها الظروف الإقليميّة والدوليّة مناسبة أكثر.

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ رئيس «القوّات» لا يتشارك مع رئيس «المُستقبل» في هذا التكتيك السياسي، وهو يميل إلى التمسّك بالمواقف التي أطلقتها قوى «14 آذار» على مدى عقد ونيّف من الزمن، من دون أن يعني ذلك تهديد الإستقرار الداخلي أو رفع منسوب التوتّر، بل الحفاظ على المطالب الإستراتيجيّة والوقوف بحزم سياسيًا وإعلاميًا بوجه أي مُحاولات لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وتحديدًا إلى مرحلة ما قبل «ثورة الأرز» من العام 2005. ووصفت الأوساط عينها السياسة التي يسعى «الحكيم» إلى تطبيقها بالمُواجهة الهادئة التي تعتمد على الحركة السياسيّة وعلى الموقف الإعلامي، بحيث لا يتمّ السُكوت على أي تجاوز للقوانين وللدُستور، ولا على أي صفقة مالية أو إقتصادية أو مُحاصصة مشبوهة، ولا على أي موقف سياسي أو دبلوماسي مُغاير لنهج «14 آذار»، حتى لو أدّى هذا الأمر إلى مُناكفات سياسية وإعلامية على طاولة مجلس الوزراء أو في المجلس النيابي أو على المنابر الإعلاميّة.

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ ما أثار إمتعاض رئيس «القوّات» هو إعتبار رئيس «المُستقبل» أنّ كل من لا يتبنّى سياسة المُهادنة الواقعيّة التي ينتهجها «التيّار الأزرق» حاليًا، في موقع المُتهم الذي يعمل على تهديد الإستقرار الداخلي وعلى العودة بلبنان إلى زمن الإنقسامات والتوتّرات، بينما يعتبر جعجع أنّ سياسته إصلاحيّة بامتياز وتتمسّك بالثواب تحت سقف الدولة والقانون والحرص على الإستقرار. وأضافت الأوساط أنّ ما آثار إمتعاض رئيس «المُستقبل» في المُقابل يتمثّل بالتسريبات المنقولة عن «القوات» بأنّ الحريري يعمل حاليًا على العودة إلى رئاسة الحُكومة عبر ترسيخ تفاهم مصالح ثنائيّة مع «التيّار الوطني الحُر» مع التغاضي عن كل الإرتكابات والمواقف التي تصدر عن «الوطني الحُرّ» وقوى «8 آذار»، بينما يعتبر الحريري أن ما يقوم به من تهدئة يصبّ في خانة الحرص على الدولة وتعميم أجواء الإستقرار، لمنع تمدّد إرتدادات الحروب في المنطقة إلى الداخل اللبناني.

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالقول إنّ أي عودة للعلاقة بين «المُستقبل» و«القوات» إلى سابق عهدها لن تتمّ قبل إجراء الإنتخابات النيابيّة، وبالتالي قبل تحديد الحجم السياسي والشعبي لكل طرف، أكان حليفًا سابقًا أم في موقع الخُصومة، تمهيدًا لإعادة رسم خريطة التحالفات السياسيّة الداخليّة. وأضافت أنّه بعد ذلك ستكون العلاقات بين «الحريري وجعجع، وبين مُختلف الأفرقاء السياسيّين، مُرتبطة بتوزيع المناصب والحقائب الوزاريّة والذي لا بُد أن يُرضي بعض الأطراف وأن يُغضب أطرافًا أخرى!