IMLebanon

«سعودية» جعجع «وإيرانية» عون

 

 

أَهذا الذي إسمه تأجيل تسريح القيادات الأمنية هو الشعرة التي قصَمتْ ظهر البعير، أو إنه البعير الذي انبثق من انعكاس النزاع السعودي – الإيراني، والذي انقسمت معه الدول والأنظمة والشعوب كقوسَيْ قزح في المنطقة، يتواجهان بحرب شرسة حامية، وبحرب باردة شرسة في المنطقة.

هذا النزاع كان من المفروض أن تؤدي ورقة «إعلان النيات» بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع الى «تسريح» المسيحيين من ارتداداته لينطلقا معاً في تظاهرات وطنية تؤول الى إنقاذ اللبنانيين من مسيرة الموت البطيء، وإنقاذ لبنان من كل شعرة في بعير.

ولكن… لأن النزاع الماروني قد حجّم موقع الموارنة في المعادلة الوطنية، وأدَّى الى ضياع «حقوق المسيحيين»، كان لا بدّ للقيادات المارونية المتواجهة من أن تعتمد سياسة الإلتجاء الإستقوائي.

وكان لا بد للنزاع الذي ارتدى طابعاً مذهبياً حاداً في المنطقة بين السنة والشيعة، أن يعتمد الطرفان فيه سياسة الإحتواء الماروني، حتى ولو اقتضى الأمر بعض السخاء والإغراء.

بهذا المعنى، وفي مجال التصنيف الذهني المطلق، يصبح العماد عون حليفاً للجبهة الإيرانية: انتماءً أو تأييداً أو توجّهاً أو ميلاً أو تعاطفاً، سمِّه ما شئت.

ويصبح الدكتور جعجع مصنَّفاً في الجبهة السعودية المواجهة بالتعابير الوصفية نفسها، ويصبح المسيحيون حكماً منخرطين في صراعات المنطقة بواسطة قيادات مقيّدة بقرار حركة الجبهات في الخارج، من دون أن يكون لها حرية القرار في الداخل.

هذا شأن الدول الكبرى حين تتحارب بواسطة الدول الصغرى وجيوشها، على غرار «الإنكشارية» في جيش الأمبراطورية العثمانية، وعلى غرار ما كان بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وهو عرفٌ لا يزال سائداً في استخدام القوى المستضعفة لمصلحة القوى الأعظم.

القوى المسيحية في لبنان، تصبح ضعيفة ومستضعفة عندما تصبح بالمعنى «الإنكشاري» وسيلة من وسائل الحرب لدى الآخرين، وهذا يجعلنا نطرح أسئلة ساذجة مستقاة من كتاب الفيلسوف الفرنسي «ديدرو» بعنوان «رسالة العميان الى المبصرين» فنقول:

لو لم يكن هناك استراتيجية دولية حول ديمغرافية المنطقة، وحرب محمومة على مستوى المنطقة ولبنان، وصراع مذهبي حاد في المنطقة ولبنان.

هل كانت هناك حاجة على المستوى الإستراتيجي الى كلّ من الدكتور جعجع والعماد عون، وهل كان هناك زواج ماروني، بين عون و8 آذار، وبين 14 آذار وجعجع الذي حظي بجلسة «ملوكية» في السعودية مع ما يعانيه جلالته من إرهاق.

هذه أسئلة نطرحها على سبيل المقارنة مع ما يستجدّ من تطورات على مستوى المنطقة، وليس لنا في هذه الحال إلا أن نذكِّر الموارنة بقول البطريرك الحويك الذي كان يرتاب بوعود الأم الحنون فرنسا حيال لبنان فقال:

ان فرنسا كالشمس تدفئ من بعيد وتحرق من قريب