IMLebanon

وهج الديموقراطية السعودية!

ها هي مدرسة الديموقراطية الحديثة في ملكية آل سعود تقدم لنا درسا جديدا في الديموقراطية و «الثورة». نعم، الحاكمون بأمرهم من آل سعود يجمعون ما تسمى «المعارضة السورية المعتدلة» من أجل صياغة خطة موحدة لعملية انتقال السلطة بطريقة ديموقراطية في سوريا!

هذا «الانتقال الديموقراطي»، الذي طال إشعاعه اليمن أيضا، تحاول السعودية اليوم نقله الى سوريا. ويبدو أن هذا الحس الملكي الديموقراطي هبط على العائلة الحاكمة فجأة محملاً على التطورات السورية الأخيرة.

أما الحدث الديموقراطي الثاني فهو متزامن مع الهبة الديموقراطية الأولى في المملكة والمتمثل بالإجراء المتخذ بحق تلفزيون «المنار» وقبله «الميادين» وبعدهما لا ندري من، ما يجعلنا مرعوبين من أن يصل هذا الإشعاع الديموقراطي قريبا الى لبنان، ممزوجاً بتصريحات أحمد الحريري وتوقعاته الديموقراطية الأخيرة.

وقبل التطرق للتطورات السياسية الداخلية، أجد من المفيد رواية ما قرأته مرة عن فلاح بريطاني في القرن الثامن عشر.

يُروى أن فلاحاً بريطانياً، رأى مرة ابنة الملك وأعجبته كزوجة لابنه الفلاح الشاب الوسيم وتمنى أن تصبح الأميرة زوجة له. ووصلت به التمنيات الى مرحلة تخيلها واقعاً… ودعا أهل قريته لحضور حفل خطوبة ابنه على ابنة ملك بريطانيا، وعندما سُئل عما جرى. أجاب بأنه وابنه وزوجته موافقون وبقي عليهم خطوة بسيطة جداً هي موافقة الملك وزوجته والأميرة.

طبعاً بالنسبة لنا، الشاب الوسيم أفضل بكثير من ابنة الملك ولكن يبدو أن ممارسة سعد الحريري ومن يرعاه في الخارج قاربت بالمضمون ممارسة الفلاح وزوجته، ومن سيدفع الثمن سيكون الشاب الوسيم، الذي صدق روايتهما.

والشاب الوسيم هنا، ليس فقط سليمان فرنجية، بل الشعب اللبناني ولبنان بمجمله.

يعيش لبنان اليوم تحت وطأة المبادرة الأميركية ـ السورية ـ الفرنسية، المطبوخة على عجل بفعل التطورات الميدانية في سوريا في محاولة لاقتناص ما يمكن اقتناصه على مستوى النفوذ السعودي في لبنان.

وشيء طبيعي، أن يحاول أصحاب المبادرة، تسويقها عبر ثلاثي الطائف اللبناني، سعد الحريري، وليد جنبلاط ونبيه بري. هذا الثلاثي الذي يستنفر دفاعاً عن النظام الطائفي في لبنان وبالتالي لمحاولة تحضير الأجواء عبر صفقة تنقذ هذا النظام من أزمته، على حساب مصلحة الوطن ومصلحة الشعب اللبناني.

ولقد ساهم وإن بطريقة غير مباشرة، في الدفع بهذا الاتجاه، ما جرى خلال الحراك الشعبي الأخير، من تكشف كل جوانب الوجه البشع لهذا النظام على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إن تعثر هذه الصفقة لا يعود فقط لاستعجال سعد الحريري في طرحها واستعجال القوى الدولية ـ الإقليمية في تبنيها، بل ايضاً في انكشاف استهدافها الأساسي وهو الدفاع عن النظام الطائفي ومعالجة تصدعاته من جهة، وإعادة سعد الحريري مجدداً للتحكم مع فريقه بمقدرات البلد من خلال سيطرته على الحكومة وإعادة تجديد الطاقم النيابي عبر التجديد لقانون الانتخابات «الجريمة» المتمثل بقانون الستين من جهة ثانية.

إن الاستهداف المشار اليه، ليس مرفوضاً لأنه طرح اسم سليمان فرنجية رئيساً، وهو مرفوض ايضاً لو طرح أي اسم آخر مكان فرنجية حتى لو كان ميشال عون أو حتى أي رمز يساري…

إن الطبخة من أساسها مسممة، ويُستهدف خلالها طموح الشعب اللبناني بحد أدنى من التغيير والعدالة الاجتماعية ومواجهة ومحاسبة الفساد والفاسدين.

المدخل الوحيد المتبقي لإنقاذ لبنان، هو إعادة تكوين السلطة باتجاه الدولة المدنية الديموقراطية، دولة الرعاية الاجتماعية ومدخلها الوحيد هو قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وعلى أساس الدائرة الواحدة والنسبية.

ولأن مجلس النواب الحالي عاجز عن أخذ هذا القرار وإقرار هذا القانون، فإن البلد سيجد نفسه حتماً أمام ضرورة عقد مؤتمر وطني للإنقاذ يعيد تكوين السلطة وبناء الدولة في لبنان وهذا ما يطرح على كل القوى الديموقراطية ضرورة التوحد في الضغط من أجل فرض موازين قوى قادرة على تحقيق هذا الخرق.