IMLebanon

من حقّ السعوديَّة أن تغضب

المسألة اللبنانيّة السعوديّة الخليجيّة الإيرانيّة واضحة في مختلف فصولها وتعرّجاتها، أكثر بكثير ممّا يتهيّأ لحلفاء طهران و”حلفائهم” الذين “يعشقون” النأي بالنفس… وخصوصاً عندما يكون المطلوب هو العكس تماماً.

لن يكون في وسع لبنان، اليوم وغداً ولاحقاً، إلاّ اللجوء إلى المساعي المباشرة، والاتصالات الشخصيّة المكثّفة بالمسؤولين السعوديّين كما الخليجيّين، باعتبار أن الصورة السياسيّة أُصيبت بتشوُّهات فادحة، ومطلوبٌ من اللبنانيّين توضيحها.

لبنان معروفٌ عنه عبر البحار وعبر الصحاري أنه بلد معطَّل بكل ما في التعطيل من معنى واضرار. لا رئيس للجمهوريّة منذ عامين. لا دولة. لا مؤسّسات. لا مرجعيّات. لا مسؤولون. لا حكومة “حقيقيّة”. لا مجلس نواب… وفي الوقت نفسه هناك دويلة كاملة العدَّة، والعديد، والتسلُّح، ومنتشرة بقواها وقواتها في الداخل اللبناني كما في دول عربية قريبة وبعيدة. وعلى عينك يا تاجر.

وقد أخذ العالم بأسره علماً بهذه الدويلة، ونفوذها المختلف الأوجه، ونشاطها المتعدّد الاختصاص، مثلما أخذت المملكة العربيّة السعودية والدول العربية فكرة واضحة وصريحة، وبالألوان الطبيعيّة، عن ارتباطها الوثيق بطهران.

ومع أن لبنان يتألّف من ثماني عشرة طائفة، فإن إحدى الطوائف أجازت لنفسها أن تكون “مستقلّة” تماماً عن الدولة المعطَّلة، كما عن المؤسَّسات والدوائر والفئات الأخرى.

ومن غير أن يصدر أي تصرّف يوحي أن هذه الدويلة يهمُّها و يعنيها تأثّر الطوائف الأخرى، و”الشعوب” الأخرى، و”القوى” التي حلَّت يوماً في “المقعد” ذاته الذي تحتله الدويلة اليوم.

هذا هو واقع الحال في لبنان اليوم، وبديهي أن يكون المسؤولون السعوديّون بصورة خاصة على علمٍ بكامل هذه التفاصيل والأوضاع، مع الاطلاع حتماً على “الهدف العميق الأبعاد” الذي تسعى طهران لبلوغه…

وثمة مَنْ لا يخفى عليه أن تحويل لبنان مجرَّد جغرافيا معطَّلة وشبه سائبة، ولا تختلف عن الغابات المهجورة، يشكّل أحد أبرز أهداف إيران وتطلُّعاتها وطموحاتها. في الوقت الذي تعلم السعوديّة، ويعلم الخليج، وتعلم أوروبا وأميركا، أنّه ليس في إمكان لبنان الدولة المبعثرة القيام بأي عمل أو تصرُّف فعَّال…

طبعاً، من حق السعوديّة أن تغضب، وأن تعتب على لبنان واللبنانيّين، وهي التي تخص لبنان بمكانة ومعاملة في شتى الظروف والمجالات. إلاّ أنها تدرك جيداً أنه ليس في إمكان لبنان أن يزيل هذا الوضع الشاذ، ولا أن يستعيد نفسه من الدويلات و”الجبهات”. هذا هو واقع الحال بكل حذافيره.

ما من لبناني إلا يدرك أنه لولا العناية الدائمة والفائقة التي تخصّ بها السعودية بلدهم لما كان بقي صامداً إلى اليوم.

وعلى رغم ذلك أصرَّ جبران باسيل على لغم “النأي بالنفس”… مع معرفته بحجم الأضرار التي يتسبَّب بها.