لا حاجة لاثنين للتأكيد ان جلسة الحوار الأولى جاءت بنتيجة صفر ولم تساهم في تحقيق اختراقات في الملفات الاساسية المتنازع عليها وخصوصاً في الملف الرئاسي، وان الجلسة اتت على غرار «ابرة المورفين» الموصوفة لتسكين الالم الكبير بدون ان تعطي مفعولاً ايجابياً وتساهم في بلسمة الالم، واقتصر مفعولها على دعوة لمجلس الوزراء كان الهدف منها حل مشكلة النفايات و«ترييح» رئيسي الحكومة ومجلس النواب عبر هذا الملف، وحل مسألة التعيينات بترقية بعض العمداء الى رتبة لواء لترييح الرابية وحل اشكالية خروج قائد المغاوير الى التقاعد بعد تمرير التمديد المفضوح للقيادات الامنية، وكل ذلك بقطبة محبوكة تقول مصادر متابعة، من زعيم المختارة الذي وافق على حل مؤقت لفتح مطمر الناعمة، وبتمرير من حزب الله الذي يثبت يوماً بعد يوم انه لن يقبل بكسر عون وعزله وهو مستعد للسير باي تسوية او اقتراح حلول من اجل فك الطوق الذي يحاصر به الاخصام جنرال الرابية الذي يترأس اكبر كتلة مسيحية تمثيلية دون ان يكون قادراً على ان يكون فاعلاً في الاستحقاق الرئاسي او في قيادة الجيش. وفي هذا السياق اتت زيارة وفد حزب الله الى سيد الصرح البطريركي لتأكيد حزب الله على ثوابته وانه ليس طرفاً في الكباش الحاصل حول الملفات الداخلية واستحقاق الرئاسة وان كان يقف الى جانب حليفه ميشال عون .
وإذا كانت جلسة الحوار الاولى معروفة النتائج مسبقاً بانها لن تكون مثمرة جداً ولن تتعدى محاولات الالتفاف على الوضع القائم من اجل استيعاب غضب الحراك الشعبي المتمدد في كل البيئات اللبنانية ولضرب حراك الشارع ، فما لا يمكن فهمه بموازاة جلسة الحوار التصعيد المفاجىء والعالي اللهجة لتيار المستقبل ببيان كتلته او في هجوم السنيورة وتبادل الاتهامات مع عون على طاولة الحوار ، والذي ربما كان المقصود منه تطيير جلسة الحوار كما تقول المصادروعرقلة المساعي التي بذلها الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لحل الأزمة المتلطية بملف النفايات والتي تتشعب الى ملفات اخرى ، وحيث كان من المقرر والمقدر ان يستتبع بيان المستقبل الشديد اللهجة تصعيدا مقابلاً من حزب الله لم يحصل لافشال الجلسة وتطيير الطاولة قبل انعقادها ، وحيث الواضح كما تقول المصادر ان ثمة رغبة سعودية بعد انعقاد طاولة الحوار كان وضع في اجوائها كل من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة بالضغط لانجاز ملف الاستحقاق الرئاسي وضرب ميشال عون فيه، فيما كان زعيم معراب الذي يتحرك خليجياً هذه الايام لتعزيز وضعه المسيحي لدى السعودية وقطر، اكثر دهاء ووضوحاً في مقاطعة الطاولة منذ اللحظة الاولى وقرار انعقادها باعتبارها مضيعة للوقت ولن تنتج حلولاً مهمة .
وتصعيد المستقبل لتطيير الحوار يعني انه لن يسير في تسويات، تؤكد المصادر ويرغب بالمزيد من الانتصارات على الساحة الداخلية خصوصاً ان تيار المستقبل استطاع تحقيق انتصارات عديدة في السياسة ولا يزال، ويمكن القول ان تيار المستقبل استطاع ان يكسب جولات كثيرة مع اخصامه وخصوصاً مع الرابية التي ربح عليها الحريري جولة الانتخابات الرئاسية المعطلة منذ سنة ونصف ومن ثم جولة التمديد للأمنيين التي مرت بدعم وقرار اساسي من المستقبل لحجب قيادة الجيش عن عون ، ولكن نتائج المعركة السياسية وفق اوساط سياسية خسّرت الحريري كثيراً من رصيده الشعبي لدى جماهيره الخاصة ولم تكسبه رضى واسعاً خصوصاً في الشارع السني ولدى فريق واسع من مسيحيي 14 آذار الذي بدا في ملف تلزيم المناقصات التي طارت مذهولاً للمحاصصة التي توزعت على الأفرقاء الإسلاميين لتقاسم «جبنة» النفايات في توليفة مشبوهة وواضحة المعالم لم تلبث ان تلاشت بسرعة تحت وطأة ضغط الاخصام وتحرك شارع «طلعت ريحتكم».
وكان ينقص الحريري كما تقول المصادر وهو الذي تصل اليه اصوات الحرمان من اقاصي عكار بدون ان يبادر نوابه الى انقاذ الشارع والخزان السني المؤيد له ان يوافق او يؤيد سياسة الحكومة وقرارها بتصدير النفايات الى عكار مع رشوة حكومية بمئة مليون دولار لاستقبال نفايات بيروت وكأن عكار لا تكفيها مشاكلها ونسيانها من قبل الدولة التي لا تستفيق عليها إلا لتحويلها الى مكب للنفايات والتي لا يستخدمها المستقبل إلا لملء الساحات عندما تقتضي الحاجة وفي المواسم الانتخابية لرمي ورقة «زي ما هي» في صندوقة الاقتراع . وعليه يمكن القول ان المستقبل من خلال العرقلة التي يمارسها ربح في السياسة لكنه خسر الكثير من الاوراق في الشارع السني ولدى جماهيره .