IMLebanon

السعودية وإيران والرئاسة اللبنانية

مسؤول غربي بارز معني بالملف اللبناني تحدث في لقاء خاص في باريس عن تعقيدات معركة الرئاسة وعن الدور الفرنسي والعلاقات السعودية – الإيرانية فقال: “ان الأفرقاء اللبنانيين الأساسيين عاجزون عن الاتفاق على شخصية الرئيس الجديد وليسوا مستعدين لتغيير مواقفهم بقطع النظر عن العواقب، والدول الكبرى ليست قادرة على فرض رئيس معين كما حصل سابقاً وليست مستعدة للمجازفة في هذا المجال، ونظام الرئيس بشار الأسد ليس له دور فاعل في هذه المعركة. أما الدولتان الإقليميتان الرئيسيتان القادرتان على تسهيل انتخاب الرئيس أي السعودية وإيران فإن الخلاف العميق بينهما على سوريا وقضايا إقليمية أخرى وعلى مصير لبنان يمنع تعاونهما المؤثر في هذا المجال: فالسعودية تدعم انتخاب رئيس وفاقي توافقي وتريد فك ارتباط لبنان بالأزمة السورية، وإيران تتمسك حتى الآن بدعم انتخاب العماد ميشال عون رئيساً لأنه يتفق مع سياساتها وخياراتها في الداخل وفي سوريا، وهي تعطي الأولوية لإبقاء الساحة اللبنانية جزءاً من الصراع السوري”.

وأوضح المسؤول الغربي “ان القيادة الإيرانية ليست راغبة في عقد صفقة سياسية مع فرنسا في شأن لبنان تؤدي الى حسم معركة الرئاسة لأنها تدرك ان الفرنسيين يقولون علناً انهم يقفون على الحياد لكنهم في الواقع يعارضون مع أميركا ودول مؤثرة أخرى انتخاب عون رئيساً نظرا الى ارتباطاته الوثيقة مع “حزب الله” والمحور السوري – الإيراني. وإيران تعلم ان الحكم الفرنسي لن يبدي أي مرونة في المفاوضات النووية في مقابل تخلي الإيرانيين عن عون. فإيران تريد استخدام فرنسا قناة اتصال ووسيطاً بينها وبين السعودية من أجل تسهيل عملية التقارب بينهما. واضطلعت فرنسا بهذا الدور سابقاً إذ ان وساطتها بين السعودية وإيران أسفرت عن تشكيل حكومة تمام سلام. فإيران تحتاج الى حكومة وحدة وطنية من أجل تخفيف الضغوط الداخلية على “حزب الله” المتورط في الحرب السورية، أما انتخاب رئيس جديد توافقي غير متحالف مع طهران فيمكنه أن يغير موازين القوى الداخلية ويعزز مواقع الاستقلاليين المتمسكين بسياسة النأي بالنفس عن الصراع السوري وبسيادة لبنان والمرتبطين بالدول الغربية والعربية المaعتدلة المعادية لنظام الأسد”.

ولاحظ “ان القيادة الإيرانية تبنت في حوارها مع فرنسا الموقف الذي تبناه سعد الحريري في محادثاته مع العماد عون إذ اقترح عليه أن يتفق الزعماء الموارنة أولاً على مرشح وحيد للرئاسة واعداً بتأييد هذا المرشح. والحريري يدرك تماماً ان هذا الاتفاق مستحيل. والمسؤولون الإيرانيون اقترحوا على فرنسا أن تتعاون مع الفاتيكان من أجل دفع الزعماء الموارنة الى الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة، وطهران تدرك ان هذه مهمة مستحيلة وان عون لن ينسحب في أي حال من تلقاء نفسه من معركة الرئاسة. وهكذا تعفي القيادة الإيرانية نفسها من تهمة عرقلة الانتخابات الرئاسية وتلقي المسؤولية على الآخرين”.

وقال المسؤول الغربي “ان الفرنسيين نقلوا الى السعوديين رغبة إيران في التقارب معهم والتفاهم على الوضع اللبناني. وقد شدد المسؤولون السعوديون على أن التقارب مع إيران وإنجاز تفاهمات معها يتطلبان تغييراً جذرياً في سياستها حيال سوريا يشمل التخلي عن دعم الخيار العسكري والتعاون مع الدول المؤثرة جدياً من أجل وقف الحرب ودعم عملية نقل السلطة الى نظام جديد يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري استناداً الى بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012، الأمر الذي يؤدي الى رحيل الأسد والمرتبطين به عن السلطة. أما بالنسبة الى لبنان، فيرى السعوديون ان الرئيس القوي المنشود الذي يضمن المصالح الحيوية لللبنانيين هو الرئيس الوفاقي التوافقي الذي يحظى بدعم كل الأفرقاء أو الغالبية منهم ويعمل على تقوية الدولة ومؤسساتها وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الأهلي مما يمنحه تأييداً واسعاً إقليمياً ودولياً. في المقابل، إن العماد عون هو مرشح فريق معين مرتبط بالمحور الإيراني – السوري وتعارض انتخابه غالبية من اللبنانيين إذ ان فريق 14 آذار والمستقلين ونواب وليد جنبلاط يرفضونه”.

وخلص الى القول: “لن نشهد معجزة على صعيد معركة الرئاسة، ذلك ان العقبات داخلية بقدر ما هي خارجية. ويرى البعض ان تأجيل انتخاب الرئيس، بصورة غير معلنة وغير رسمية، أفضل من الخضوع للضغوط وانتخاب رئيس يعمق النزاعات والخلافات بين اللبنانيين ويدفع البلد الى تبني خيارات بالغة الخطورة يمكن أن تهدد نظامه والسلم الأهلي فيه ومصيره”.