IMLebanon

السعودية حاجة لعالمنا اليوم

يصل الى الرياض اليوم الرئيس الاميركي باراك اوباما لتقديم التعازي بالعاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتقديم التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وتأتي زيارة اوباما بعدما تقاطر الى المملكة عدد كبير من رؤساء الدول والملوك، او من يمثلهم، في ظاهرة تستحق الاهتمام.

وليست المملكة العربية السعودية ثقلاً اقتصادياً فحسب. صحيح ان لها دوراً فاعلاً في السياسات المالية الدولية عبر قدراتها النفطية، لكن المخزون البترولي لا يكفي وحده للعب هذا الدور، وما يجدر التوقف عنده في هذا المجال هو السياسة المغامرة التي لعبها الملك الراحل عبدالله، من خارج التقليد المعهود للمملكة، اذ امسك بزمام لعبة الانتاج وحركة الاسواق، جاعلا من النفط اداة سياسية فاعلة ومؤثرة، خصوصا تجاه ايران وروسيا. وبتلازم السياسة بالاقتصاد، غدا دور المملكة أكبر من المتوقع، خصوصا في الازمات العالمية التي كانت لزمن طويل حكرا على لاعبين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (سابقاً) مع هامش للدول التي تملك حق الفيتو في مجلس الامن ودول اخرى من خارج عالمنا الثالث المتلقي اكثر منه مبادرا.

والمملكة باتت اليوم حاجة اكبر من ذي قبل في منطقة عربية تشهد ثورات وتغييرات وويلات مع تنامي ظاهرة الاصوليين التكفيريين، وانتشار “داعش” و”النصرة” وغيرهما من التنظيمات المتطرفة التي تهدد مصير الانظمة والدول، وتكاد تلغي كل تعدد وتنوع في المنطقة. ولا يمكن دولة غير السعودية ان تقف سدا منيعا لمواجهة هذه الظاهرة التي تحولت كرة ثلج تهدد كل السلطات. فمحاربة الاسلام السني المتطرف والتكفيري لا يمكن ان تنجح اذا انطلقت من اميركا او اوروبا او ايران، بل من قلب العالم السني نفسه، وليس اقدر من السعودية على لعب هذا الدور، خصوصا في ظل عدم استقرار الوضع في مصر حاضنة عروبة التنوع. ولعل الخطوات التي قام بها الملك السعودي الراحل قبل مدة في زيارته الفاتيكان ولقائه رؤساء أديان ومذاهب، وفي تأسيسه مركزا للحوار بين الثقافات والأديان والحضارات الا خير رد على تنامي الظاهرة التكفيرية.

اما الدور المالي فحدّث ولا حرج، فالنظام المصري لم يكن ليستمر الى الآن لولا الدعم الكبير الذي وفرته المملكة، والسلطة الفلسطينية كذلك، والبحرين، ولبنان أدرى من غيره بالهبات والودائع التي كانت السعودية تغرق بها اسواقنا المنهارة. وآخر الهبات للبنان أربعة مليارات دولار للجيش والقوى الامنية، وهو مبلغ يقرب من نصف موازنة لبنان في سنة.

هكذا يتأكد الدور الذي تلعبه السعودية عالميا، وهكذا يفسر التهافت العالمي عليها، ليصبح استقرارها ضروريا، لان البديل هو مزيد من الانهيار، ومزيد من الافقار، ومزيد من التطرف التكفيري، والانقطاع عن العالم الحضاري الى عوالم الدواعش.