Site icon IMLebanon

السعوديّة خط أحمر لأميركا

جواباً عن سؤال المسؤول المهمّ السابق نفسه في “الإدارة” المهمّة نفسها داخل الإدارة الأميركيّة، الذي عمل على عمليّة السلام الشرق الأوسطيّة طويلاً، عن التشابه بين حرب سوريا بل حروب المنطقة اليوم سواء كانت بالأصالة أو بالوكالة وحرب الـ 30 سنة بين مسيحيّي أوروبا قبل قرون، قلتُ: التشابه الذي أشرتَ إليه قد يكون في محلّه. هناك من يقول في العالم العربي بل في العالم الأوسع إن نهضة أوروبا حصلت بعد الحرب المذكورة أعلاه، وإن الحرب أو الحروب الدائرة في الشرق الأوسط بل في العالم العربي والإسلامي قد تؤدّي عند انتهائها إلى ثورة ثقافيّة إسلاميّة يقودها السنّة تُدخل المسلمين عصر الحداثة من دون مسِّ إيمانهم ومعتقداتهم وكلام الله في القرآن الكريم. ولكي يتمّ ذلك لا بد من مراجعة علميّة ودينيّة في آن لكتب التفسير وربما الأحاديث التي مضى عليها قرون وقرون. على كلٍ هناك في أميركا من يقول إن لا حلَّ لمشكلات المنطقة إلاّ بإنهاكها. وهي تكاد أن تصل إلى الإنهاك الشديد سواء في سوريا أو في العراق أو في اليمن أو في ليبيا. وربما يصل الإنهاك لاحقاً إلى دول أخرى مثل مصر والمملكة العربيّة السعوديّة والجزائر وغيرها. وفي حال كهذه الحل الوحيد المُجدي يكون بالحَجْرِ على المنطقة (أي بالكَرْتَنَةِ عليها) وتطويقها تلافياً لانتشار أعراضها في الخارج، وتركها “تستوي” أي تنضج للحلول الجديّة والفعليّة التي تضعها على طريق الخروج من التخلّف المتنوّع والانهيار بل الانحطاط المريع. مع الإشارة هنا إلى أن ذلك لن يؤثّر على النفط وعلى الممرّات البحريّة والمائيّة وإسرائيل. سأل: “ماذا عن السعودية ووليّ وليّ عهدها الأمير محمد بن سلمان؟ أعتقد أنه شاب وذكيّ ومتهوَّر (Reckless)”. أجبتُ: أعتقد أنه شابٌ جدّاً وطموحٌ جدّاً ويحاول إعطاء الغرب بل العالم صورة إيجابيّة عن نفسه. وقد نجح في ذلك في حديثه المطوَّل لمجلة “الإيكونوميست” البريطانيّة قبل أشهر. وأعطى الانطباع أنه رجل الحداثة والتطوير في المملكة. يجب الانتظار لمعرفة المزيد عنه في ضوء القرارات التي اتّخذها أو سيتَّخذها من سياسيّة وعسكريّة ونفطيّة قبل الحكم عليه.

علّق: “هناك أحاديث كثيرة في واشنطن والعالم عن خلاف بينه وبين وليّ العهد الأمير محمد بن نايف”. رددت: يبدو أن أحداً لا ينكر الخلاف من داخل المملكة. لكن ربّما تكون هناك مبالغة في تقدير حجمه وفي البناء على نتائجه. علماً أن لا أحد يتوقّع انفجار الخلاف الآن وخصوصاً أن الحرب على اليمن أو مع المتمرّدين على الشرعيّة فيها مستمرّة. ذلك أن الحرص على عدم الإضرار بالدولة كبير عند الجميع. وعلماً أيضاً أن نتيجة الحرب المذكورة لا بد أن تؤثّر على كثير من الأوضاع في المملكة. سأل المسؤول المهمّ السابق نفسه: “هل يمكن أن تفتعل إيران مشكلات في السعوديّة ومعها؟”. أجبتُ: تستطيع أن “تُخربط” في البحرين التي تكاد أن تُصبح جزءاً من المملكة، وفي الكويت وربما في الإمارات. وهي تستطيع أن تتسبّب بنشوب مشكلة في الداخل السعودي بين الدولة والغالبيّة السنّية مع الأقليّة الشيعية في المنطقة الشرقيّة. لكنّها لن تُقدم على ذلك في تقديري لأسباب عدّة أبرزها إثنان: الأول عدم استفزاز أميركا الحليف الأول للسعوديّة ودفعها إلى التدخّل لحمايتها. وهي قد تفعل ذلك رغم الخلافات بين الدولتين الحليفتين في السنة الأخيرة. والثاني تلافي مجزرة في أوساط الشيعة السعوديّين الذين لا تمتلك إيران طريقاً أو ممرّاً للوصول إليهم ونجدتهم بالمال والسلاح والخبراء كما هي الحال في دول خليجيّة أخرى. علّق: “هناك كلام كثير في السعوديّة عن علاقتها بالرئيس الأميركي باراك أوباما. ويقول مسؤولون فيها وإعلاميّون وآخرون أن الأخير لا يحب بلادهم ودولتهم. في النهاية سيزورها قريباً (وفعل ذلك قبل مدة قصيرة). وهي تبقى حليفة لأميركا وخطّاً أحمر بالنسبة إليها ممنوع مسُّه أو اختراقه. وهذا شيء لكن الوهّابية شيء آخر وعقليّة النظام شيء آخر أيضاً. هل قرأت مقالة غولدبرغ عن أوباما؟ ما رأيك فيها؟”. سأل. أجبت: قرأته أمس بتأنٍ. البعض يخرج منها بانطباع جيّد عن الرئيس. ومن ينتقده ويعارضه يجد فيها الكثير من المواقف التي تبرِّر معارضته وانتقاده. سأل: “في رأيك أنت ماذا كان في إمكان أوباما أن يفعل؟ وأُريد منك جواباً صريحاً كما تعوَّدنا في لقاءاتنا السابقة على مدى الأعوام الماضية”. بماذا أجبت؟