بدل ان تتم تهدئة الوضع الداخلي تمهيداً للالتقاء والتفاهم قبل جلسة 2 آذار انفجرت الاجواء مجدداً بمفاعيل القنبلة التي رمتها المملكة السعودية بوقف مساعداتها العسكرية او هبة الثلاثة مليارات المخصصة للجيش اللبناني والقوى الامنية فبدأ استثمار القرار السعودي واستغلاله في الكباش السياسي الدائر في لبنان وبالطبع فان رئيس تيار المستقبل عوض اشاحة وجهه عن القرار السعودي خجلاً كونه حليف الخط السياسي للمملكة التي اساءت الى وعدها السابق للدولة اللبنانية وحرمت المؤسسة االعسكرية من فرص الحصول على اعتدة وسلاح حربي هي بحاجة اليها في معارك الجيش مع الارهاب، فان الحريري بدفاعه عن خطوة السعودية عمد الى اطلاق النار على حزب الله والتيار الوطني لاعتبارهما في نظرية الحريري المسببين الرئايسيين لموقف المملكة، حزب الله بسبب مواقفه التصعيدية ضد السعودية والتيار الوطني الحر استناداً الى سياسة وزير الخارجية جبران باسيل وما يقوله على المنابر الدولية.
هذا التصعيد لزعيم المستقبل وفق اوساط يأتي في سياق تحسين شروطه الحريري وفي سياق محاولة السعودية امساك القرار في لبنان او على الأقل رفع الصوت لتعزيز حضورها بعد الخسائر التي تتكبدها المملكة في المنطقة وهي التي سارت بمرشح من فريق 8 آذار وتقديم تنازلات، فيما بدا المحور الآخر اكثر ارتياحاً على وقع التغيرات والاحداث في سوريا التي تصب لصالحه، وحيث يبدو ايضاً للاوساط ان السعودية تتجه الى المزيد من التصعيد الذي وعد به و بشر به وزير الداخلية اللبنانيين «بما هو اعظم» ربما، ويبدو ذلك واضحاً بعد ما حصل في موضوع الهبة ونشر شريط وثائقي على قناة العربية يحاول الاساءة وشق الصف بين حركة امل وحزب الله.
ولكن ماذا عن الداخل بعد استعادة السعودية لملياراتها، وما سيكون عليه موقف الحريري الذي قرر العودة الى لبنان لانجاز الاستحقاق كما يقول والعودة الى السراي وان كان يحاول الإيحاء بغير ذلك ؟
بدون شك فان خطوة السعودية المفاجئة لا تحمل تباشير خير ومؤشرات ايجابية تؤكد الاوساط، فالسعودية تتجه الى تغيير مواقفها التي اتسمت بالمرونة في المرحلة الاخيرة عندما وافقت على ترشيح سليمان فرنجية تمهيدا للعودة الى الداخل اللبناني من خلال اعادة الحريري الى الحكومة، وزعيم المستقبل الذي حضر الى البيال بخطاب تصعيدي ضد حزب الله وايران تراجع عنه فيما بعد بخطوة ارتدادية وخجولة عندما اعتبر ان حزب الله يستمهل في الرئاسة ولا يعطل، فان الحريري عاد واتخذ موقع الهجوم كما فريقه السياسي باعتبار حزب الله لا يمثل في لبنان وان على لبنان تصحيح الموقف من الاعتداء على السفارة السعودية في طهران. وعلى ما يبدو فان الحريري ليس في وارد التراجع والاستمرار في سياسة التصعيد وعدم تليين الموقف الا اذا طرأ تغيير ما في قواعد الاشتباك السياسي يؤدي الى تبدل وتسهيل جلسة 2 آذار. وترى اوساط سياسية متابعة في هذا السياق ان اقناع الحريري بالقبول بعون بات بعد القرار السعودي وما ساقه الحريري في سياق دفاعه عن المملكة شبه مستحيل ومعقد اكثر، لا بل فان زعيم المستقبل الذي يعمل على استنهاض شارعه السني الذي دخل مرحلة النوم المغناطيسي الطويل والذي يحاول ان يحسن وضعه قبل الانتخابات البلدية والاختيارية في المناطق السنية، فان الحريري لا يبدو انه في سياق ترتيب الوضع الرئاسي لمصلحة عون مهما كانت التنازلات من قبل عون، وعلى العكس فان الحريري يحاول ان يرمي «طابة التعطيل» في ملعب 8 آذار متمهاً هذا الفريق بالتعطيل وشل المؤسسات والحريري كما صار معروفاً يكثف حركته السياسية لجمع الاصوات لجلسة 2 آذار لصالح مرشحه سليمان فرنجية ولذلك انجز المصالحة مع النائب المفصول في المستقبل خالد الضاهر وحاول محو اساءته لسمير جعجع لمحو آثار الانشقاقات في 14 آذار. وهذه المؤشرات تدل على ان الحريري ماض في خياره الرئاسي باسقاط عون بالضربة القاضية الرئاسية وقطع طريقه الى بعبدا، واذا كان رئيس الاصلاح والتغيير لا يزال يحاول ضبط النفس لعدم الانجرار الى التصعيد اكثر مع المستقبل فان اللافت ان سمير جعجع يبدو مستعجلاً لانجاز الاستحقاق، فبالنسبة الى جعجع فان اقناع سليمان فرنجية بالانسحاب لمصلحة عون ليس مهمة معقدة ومستحيلة على حزب الله ويمكن لحزب الله ان يبادر الى الخطوة نفسها التي فعلها اثناء تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حين طلب الانسحاب من الرئيس عمر كرامي .