تؤشر الاشتباكات الكلامية، التي شهدتها نهاية الاسبوع الى انسداد الافق السياسي امام اي حل، خاصة اذا ما اخذت رمزية الاحتفالات التي اطلقت منها المواقف. فالمستقبل ومن على منصة اللواء الشهيد وسام الحسن هاجم بعنف «حزب الله» والعماد ميشال عون، لياتي الرد بالعنف ذاته من الحزب في احتفال تكريم احد قادته العسكريين الذي سقط في سوريا، لترتسم خارطة المواقف بين الطرفين حيث ادوار الآخرين هامشية على حلبة الصراع الممتد الى الرياض وطهران.
وعلى نتيجة التعادل في التصعيد، اعتبرت مصادر وزارية مراقبة ان الاسبوع الطالع سيشكل محطة اختبار واضحة تحدد مسار الامور سواء نحو الانفراج او الانفجار، في ظل التنبيه الداخلي والخارجي من دخول البلاد مرحلة من التصعيد غير المسبوق، لافتة الى ان رئيس المجلس النيابي باشر اتصالاته لاستيعاب السجال الحاصل قبل الجلسة المرتقبة للحوار في الـ26 من الشهر الجاري، رغم الترجيحات التي تميل الى احتمالات التهدئة المحدودة، خاصة في ظل التسوية النيابية لتشكيل اللجان والحديث عن «ايجابية ما» في خصوص انعقاد الحكومة لبحث ملف النفايات، خاصة ان حزب الله وان لم يبلغ سلام انه سيحضر الجلسة بعد، فانه لم يبلغه أنه سيقاطعها، بحسب المصارف الوزارية، الأمر الذي يرجح انه سيمرر الجلسة ويحضرها رغم ان وزراء حليفه العماد عون، ما سيسهل في هذه الحال استنئناف المساعي الحكومية والسياسية منعاً للشلل الحكومي التام، خاصة ان الرابية وبحسب مصادرها، ستتبع استراتيجية تقوم على حضور جلسات الحكومة وانما عرقلة صدور اي قرارات، ابقاء لشعرة معاوية التي تحول دون الدفع باتجاه دفع رئيس الحكومة او وزراء «المستقبل» الى الهجوم الاستباقي بالاستقالة، لإحراج الفريق التعطيلي للحكومة، او بإمكان حصول تطورات تنذر بانهيارات اقتصادية واجتماعية في الأشهر المقبلة، كما يتخوف الكثير من الخبراء الأمر الذي يضع الجميع امام المسؤوليات عن هذا الخطر المحدق.
ورأت مصادر في تيار المستقبل ان تلويح الفريق الازرق بالكارت الاصفر التحذيري، يمكن ان يتحول الى الاحمر في وقت غير بعيد على وقع التحولات الاقليمية والقرار السعودي بالمواجهة بعد الضربات التي تعرضت لها قوى المعارضة المحسوبة على الرياض، نتيجة الضربات الروسية، واعتبار المملكة انها تعرضت لكمين نصبته لها موسكو، الامر الذي يلتقي مع الاجواء التي عاد بها النائب وليد جنبلاط خلال زيارته الاخيرة الى السعودية.
مصادر مقربة من الثامن من آذار حذرت من الرهانات الخاطئة والمتسرعة للفريق الآذاري، معتبرة ان الاستراتيجية السعودية تقوم على ما يبدو على تفجير الوضع اللبناني في خطوة قديمة جديدة، بعدما فقد كل الساحات، واجبرت بعد فشل مشروعها في اليمن على الذهاب باتجاه قبول الحوار، مدرجة في هذا الاطار الهمس الذي صدر عن المختارة حول عزم السعودية اعادة تفعيل 14 آذار ودعمها، ما قد يفسر الهجمة التي اطلقها وزير الداخلية بالتنسيق مع الرئيس الحريري واستتبعت باطلالات نواب المستقبل النارية والمرشحة الى الارتفاع، كاشفة ان كلام السيد نصر الله الاحد لم يكن من باب التهويل او التهديد وانما من باب دق ناقوس الخطر، ذلك ان محور المقاومة اليوم في احسن احواله وان التطورات الاقليمية تسير باتجاه تعزيز خيارات حزب الله، من هنا فان الشركة ومد اليد لا تعني باي حال من الاحوال العودة الى الفترة السابقة من التوتر السياسي والامني، مضيفة ان قوى الثامن من آذار حسمت خياراتها للمرحلة المقبلة، لافتة الى ان أي تسوية أو تفاهم مرتقب يجب ان يتم من منطلق أن يكون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»رئيسا او من يختاره، والا فالسير بقانون نسبي تتم على اساسه الانتخابات النيابية، لان البديل توقف الحوار وفرط الحكومة.
اما قوى الرابع عشر من آذار فهي مستمرة في سياسة ربط النزاع مع حزب الله مفضلة عدم «كسر الجرة» معه حفاظاً على الأمن والاستقرار، لكنها قد تتجه في المرحلة المقبلة إلى مقابلة التصعيد بالتصعيد، بحسب مصادرها، مؤكدة انها ستتخلى عن سياسة المهادنة وستنتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، ولن تقبل ابتزازها بحجة الحرص على الحكومة، لأن الحفاظ عليها مصلحة لجميع الفرقاء وليس لفريق دون آخر، مرجحة رفض أي حلول وسط بعد مع عون بعد «الصفعة» التي وجهت له في موضوع الترقيات، لأن تنازلاتها السابقة أفضت إلى مطالبته بالمزيد ولم تؤد بأي شكل من الأشكال إلى تفعيل عمل الحكومة والمؤسسات، كاشفة ان مشاورات جدية تجري داخل الفريق لبت مسالة الاستقالة من الحكومة في حال إصرار الثنائي حزب الله -الوطني الحر على التعطيل، «فالمسكنات المعتمدة لم تعد تنفع، وبات منسوب التعقيدات الداخلية الآخذ في الارتفاع يتطلب معالجة جذرية».
من جهتها نفت اوساط السراي المعلومات المتداولة عن امكان عقد جلسة للحكومة هذا الاسبوع، مدرجة الامر في اطار التكهنات، وان ابدت تشاؤمها الملحوظ الناتج من تصادم حزب الله – المستقبل، الذي هو عمليا ترجمة لبنانية للتشنج السعودي – الايراني، والذي ستكون له ارتدادات على الحوار بين الطرفين من جهة، وعلى انطلاق عمل الحكومة بعد جلسة مجلس الوزراء المخصّصة للنفايات، من جهة أخرى، الامر الذي يتطلب اتصالات حثيثة ووساطات جدية على خط عين التينة – كليمنصو – حارة حريك – بيت الوسط لاعادة وصل ما انقطع، رغم الشظايا التي اصابت كلاً من الرئيس بري والنائب جنبلاط من قبل المستقبليين في معرض تفاعلهم مع احداث الايام الماضية.