IMLebanon

السعودية ترعى الحراك الداخلي.. والحريري لرؤية جديدة

«السنّة لن يقفوا متفرّجين أمام الاصطفافات الطائفية»

السعودية ترعى الحراك الداخلي.. والحريري لرؤية جديدة

هو حراك جديد على مستوى الواقع السني يقوده «تيار المستقبل» منذ عودة زعيمه الرئيس سعد الحريري الى البلاد قبل فترة وجيزة.

يقارب «المستقبليون» المرحلة الحالية بشكل مغاير للمرحلة السابقة. أجرى زعيمهم مراجعة عميقة للواقع السابق، وهو أيقن أن لا جدوى من الاستمرار على الخصومات، وبعضها تحول عداوات، لا بل إن الوقت قد حان لصياغة رؤية مغايرة للماضي، تستند على بعض التضحيات، لكنها بالتأكيد تحفظ ما أمكن من زعامة التيار المتراجعة على الساحة السنية، كما تحفظ مكانة زعيم «التيار».

حضّر الحريري لسياسته الجديدة بعنوان جاذب: ترتيب البيت السني.

قد يكون العنوان مستفزاً للآخرين لاقتصاره على الجانب المذهبي السني، لكن بالنسبة الى «المستقبليين»، فإنه قد جاء في سياقه الطبيعي الذي لا يعادي أحداً بقدر ما يفيد الأفرقاء كافة على هذه الساحة قبيل أسابيع من انطلاق الانتخابات البلدية.. وهنا «مربط الفرس»، لما لهذه الانتخابات من أهمية تحضيراً للانتخابات النيابية ـ السياسية بامتياز، كون الحريري سيُعلي من الشأن العائلي المحلي الذي تمتاز به الانتخابات البلدية.

يلفت المتابعون لهذا الحراك النظر إلى أنه جاء بطلب سعودي لجمع «البيت السني» كي لا يبقى مجزأً في ظل توحّد الطوائف الأخرى، ولعل «البيت الماروني» شكل آخر تلك الأمثلة بينما ضرب «البيت الشيعي» المثل الأوضح على وحدة الطائفة..

وبالطبع، لم يأت الحراك من دون شعارات رنانة تؤكد الاعتدال والتنوّع وترفض الفتنة وتشدّد على مبادئ التيار والعيش المشترك.. وقد شكل السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري لولب ذلك الحراك ومهندسه، بدءاً من رئيس «حزب الاتحاد» عبد الرحيم مراد الذي يحتفظ بحيثية شعبية في البقاع الغربي، مروراً بالوزير السابق فيصل كرامي المنزعج من تقارب العماد ميشال عون وزعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وليس انتهاء بالوزير السابق محمد الصفدي.. وصولاً إلى الرئيس نجيب ميقاتي. وبين هذا وذاك، أسماء نيابية ووزارية تمتلك بعض الثقل في الشمال خصوصاً.

وبينما لا تزال المسافة قائمة بين «المستقبل» و«الجماعة الإسلامية»، إذ لم يسجل خرق نوعي في العلاقة بين الطرفين، مثلما هي مع قيادات سلفية غرفت في الفترة الأخيرة من شعبية «المستقبل»، فإن مصادر متابعة تقول، في المقابل، إن رياح التقارب لن تهبّ جنوباً لتشمل زعامة أسامة سعد الذي لا يزال «المستقبليون» يقفون على مسافة واسعة منه، مثلما يعتبرونه أحد الحلفاء الأوفياء لـ «حزب الله».

إذاً، «هي عاصفة حزم سنية في لبنان»، كما يردّد أحد المهتمين، مؤكداً أن الطائفة السنية «لا يمكنها الوقوف صامتة امام اصطفافات طائفية في البلاد من دون توحيد رؤاها، من دون أن يعني هذا الأمر أن السنة في لبنان يريدون إشعال البلاد، ذلك أن هذا الحراك يأتي دفاعياً وكردة فعل».

يبدو من تلك المؤشرات أن التيار بات جازماً في إجراء الانتخابات البلدية، ويشير أحد القياديين الفاعلين فيه إلى أن معارك ثلاث بانتظار التيار: بيروت حيث معركة تأمين التوازن الطائفي، طرابلس وصيدا.

هذه التطورات التي أتت مع عودة الحريري الى لبنان، وشروعه في سياسته الجديدة، تزامنت مع تصعيد غير مسبوق حيال «حزب الله» الذي تجمعه أكثر من طاولة حوار مع «التيار». ويبدو من لسان حال «المستقبليين» ان لا جديد في المدى القريب بالنسبة الى الملف الرئاسي، والمتهم، بطبيعة الحال، بتعطيل الرئاسة هو الحزب.

من هنا، لا يأمل «المستقبليون» حلاً قريباً على خط العلاقة مع «حزب الله» الذي ينتظرون منه المزيد من التصعيد ضد السعودية، برغم مناشدة الرئيس تمام سلام للسيد حسن نصر الله بوقف هجومه على الرياض. ويذهب بعض المتطرفين في التيار الى اعتبار أن الحزب سيمضي في تصعيده أكثر فأكثر «لدفع السعودية الى الابتعاد عن لبنان، ولكي يتسنى له وضع يده بالكامل على البلاد في ظروف إقليمية يعتبرها لمصلحته».

على أن الاستقرار اللبناني الحالي يبدو مرجحاً، كما ان الحكومة سوف تستمر في المحافظة على الحد الأدنى من التوافق السياسي في البلاد، بالنسبة الى «المستقبليين». أما مبادرة الحريري الرئاسية لإيصال زعيم «تيار المردة» الى الرئاسة، فهي قائمة.. لكن في الثلاجة.