Site icon IMLebanon

عدو السعودية ولبنان  من يصب الزيت على النار

اذا كان كل هذا الذي جرى في لبنان على الصعيدين الرسمي والشعبي، غير كافٍ لتجاوز أزمة العلاقات مع الشقيقة الكبرى والأشقاء في الخليج، فالأجدى للبنانيين الكف عن التداول بهذا المأزق، رغبة في عدم توسيع الهوة، وزيادة التمزق في العلاقات، والرهان على عامل الوقت لغسل القلوب. ولعل التهدئة، ووقف السجالات، يقود لاحقاً – ولو بعد حين – الى تبريد الرؤوس الحامية. صحيح أن لبنان يعاني من انقسام عمودي عميق في تركيبته السياسية لا الطائفية، وما هو في الواقع سوى صدى لانقسام اقليمي سابق وانقسام دولي أسبق. ومع ذلك نغامر بالقول – مع هذه الأزمة الطارئة وقبلها وبعدها – أن لبنان، بمختلف مكوناته الشعبية، لم يكن يوماً الا موحداً في موقفه حول حسن العلاقات مع أشقائه في الخليج. ولو كلفت المملكة اليوم مؤسسة دولية لاستطلاع الرأي موثوق بصدقها ونزاهتها وأسلوبها العلمي، لاجراء استفتاء يجيب فيه اللبنانيون عن هذا السؤال: هل ترغب كلبناني في أن يقيم لبنان أفضل العاقات الأخوية مع السعودية والأشقاء في الخليج؟، لكان الجواب ب نعم بنسبة ٩٩.٩٩%! ذلك أن العلاقات الأخوية شيء، أما المواقف السياسية فشيء آخر…

من الصعب تصوير لبنان اليوم، كدولة وكشعب، على أنه عدو للعرب أو أنه خارج على الاجماع العربي، أو كأنه الخروف الأسود في القطيع الأبيض. طبعاً قد تقع أخطاء في العلاقات بين الأشقاء، ولكن العتب يكون على قدر المحبة بين الأشقاء، أو قد يكون العقاب على قدر الخطأ، ولكن ليس أكثر من ذلك. وابتكر لبنان الرسمي أكذوبة النأي بالنفس لدرء تورطه بأخطار ليس من مصلحته أن يمتحن قدرته على مواجهتها أو تحمل تبعاتها، وذلك انسياقاً من الاجتهاد القائل ان الضرورات تبيح المحظورات. ونجحت هذه الأكذوبة بحماية لبنان حتى اليوم، ليس لأن أحداً من المرجعيات العربية أو الدولية صدقها، بل لأن الشقيق والصديق آثر التعامل بتسامح وبلا تشنج مع لبنان الغارق بأزماته تاريخياً، لا سيما وانه كان تقليدياً مكباً لأزمات المنطقة في السابق. وتضخمت أزماته اليوم بحيث أصبح عاجزاً عن اجراء انتخاب رئيس للدولة، بل وعاجزاً عن تسيير شؤون حياته اليومية بحيث تحول البلد برمته الى مكب للنفايات العادية!

كل من يصب الزيت على نار هذه الأزمة المشتعلة بين لبنان والسعودية هو معادٍ للدولتين معاً. ونحن ندرك في لبنان أن سائر الاشقاء الخليجيين يحزنون على لبنان حالياً ولكن لا يحقدون عليه، وإن تكن أصول احترامهم لتوقيعاتهم على قيام مجلس التعاون الخليجي، تلزمهم بارادتهم الحرة باتخاذ مواقف سلبية حالياً من لبنان بمن فيه من محبيهم وغير محبيهم! وكان لبنان سابقاً يجد قوته في ضعفه، ولكنه اليوم يستمد قوته من ضعفه!