IMLebanon

السعودية «تقوطب» على ايران في لبنان

على رغم اتساع دائرة الحركة السياسية المتصلة بملف قانون الانتخاب واستمرار الاهتمام بالاجتماعات الثنائية والاتصالات غير المنقطعة بين مختلف القوى الباحثة عن صيغة تؤمن الحد الادنى من التوافق، فان مجموعة تطورات طرأت على المشهد الداخلي من شأنها ان تؤثر على زخم تلك الحركة، لعل ابرزها الهدوء الذي ساد جلسة مجلس الوزراء واجواء التعاون التي بدت جلية، من خلال تفهم جميع الاطراف للارقام التي اوردها وزير المال، وسط اصرار رئيس الجمهورية على ضرورة انجاز الموازنة واقرارها واحالتها الى المجلس النيابي قبل نهاية شباط الحالي.

في الموازاة لم تتأخر المملكة العربية السعودية في تنفيذ الجزء المتعلق بها تقول مصادر مقربة من السفارة السعودية، فسارعت الى ارسال الوزير السبهان الى بيروت في جولة رابعة مفاجئة ولافتة شكلا ومضمونا، بعد اتصالات مع القيادة الجمهورية، بعد اقل من شهر على الزيارة الرئاسية اللبنانية وما تبعها من تاويلات خلال الايام الاخيرة، ومحاولات الضغط غير المباشرة التي يقوم بها فريق الثامن من آذار تجاه بعبدا «لتصويب البوصلة» التي جنحت سعوديا، على ما تؤكد المصادر، مشيرة الى ان نتيجة المرحلة الاولى من التقويم السعودي اسفرت تعيين سفير جديد ورفع عدد رحلات الطيران السعودي الى مطار رفيق الحريري الدولي تشجيعا لعودة السواح السعوديين، دون ان يعني ذلك حتى الساعة التزام باقي الدول الخليجية بتلك الاجراءات اقله حاليا.

ورأت المصادر نفسها ان تعزيز الوجود الدبلوماسي السعودي في بيروت وتفعيل عمل السفارة يوحي بقرب «اشتعال» جبهة المواجهة الداخلية، خصوصا بعد كلام وزير الخارجية السعودية ونظيره التركي عن دور ايران وحزب الله في سوريا، توازيا مع الاجراءات الاقتصادية التي اتت بدورها ك«قوطبة» على زيارة المسؤولين الايرانيين منذ اسابيع الى لبنان والاتفاقات التي عرضوا توقيعها على الحكومة اللبنانية لجهة التعاون الاقتصادي، تؤكد ان مفاعيل التسوية الرئاسية التي كانت الرياض من أبرز رعاتها الاقليميين على حدّ قول المصادر، راسخة وصامدة على رغم بعض التباينات السياسية التي ولّدها البحث عن قانون انتخابي جديد.

واذ جاءت لافتة جولة السبهان في وسط المدينة وتناوله الغداء في أحد المقاهي، في رسالة طمانة الى ان الوضع الامني في لبنان جيد ومستقرّ على حد قول المصادر نفسها، علما ان الاستعدادات الامنية بدأت تحضيرا لوصول السفير المعين بعدما قدمت كامل الضمانات التي طلبتها المملكة، يتنظر ان يزور وفد عسكري لبناني رفيع برفقة وزير الدفاع اللبناني الرياض لبحث مسألة الهبة السعودية.

مصادر مقربة من السفار السعودية في بيروت، نفت ان يكون السبهان قد بحث مسألة قانون الانتخابات او تطرق اليه مع اي من القيادات اللبنانية، دون نفيها ان المحادثات تناولت ازمة قانون الانتخابات عرضا، على اعتبار ان تلك المسالة سيادية لبنانية بامتياز، رافضة الحديث عن نقل رسائل تهديد الى القيادة اللبنانية، مشيرة الى ان المملكة تثق بالقيادة اللبنانية الحالية وهي مرتاحة الى ما سمعته من رئيس الجمهورية خلال وجوده في الرياض وتتابع باهتمام مواقفه ،التي تبين حرصه على ان يكون على مسافة واحدة من الجميع وراعيا للوفاق الذي انتج التسوية الحالية.

في المقابل رأت اوساط سياسية متابعة، ان العرقلة المستجدة على صعيد اقرار قانون انتخابات جديد وتراجع بعض الاطراف عن تعهداتها السابقة ، يظهر وجود قطبة مخفية يبدأ خيطها  بقراراقليمي يوجب عدم تسهيل المسار الدستوري وصولا الى عدم اجراء الانتخابات بهدف التمديد للمجلس وابقاء «الستاتيكو» النيابي على حاله، الى حين انقشاع الرؤية الاقليمية التي يغلفها ضباب كثيف بفعل ارتفاع حدة نبرة الخطاب بين الادارة الاميركية الجديدة وايران والذي ينذر بمزيد من المضاعفات، في ضوء شد الحبال القائم، والذي فرض على طهران اعادة النظر في حساباتها وعدم تسليم اوراق القوة التي تمتلكها، ومن ضمنها لبنان لتستخدمها مجددا في بازار الكباش السياسي، وتضع رسائلها في صندوق البريد اللبناني الذي لطالما شكل عنصرا ضاغطا وورقة رابحة للجمهورية الاسلامية.