يمكن أن نقول إنّ «حزب الله» نجح في استفزاز المملكة العربية السعودية وجعلها تذهب الى إيقاف المساعدة المقررة الى الجيش اللبناني التي قررها المغفور له الملك عبدالله والتي أكد عليها الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، والمليار أيضاً التي خصصتها المملكة الى الجيش أيضاً وإلى قوى الأمن الداخلي.
أقول إنّ «حزب الله» نجح لأنّ المملكة صبرت طويلاً على مواقف لبنان الديبلوماسية وتصرّفات وزير خارجية ليس لبنان (لأنه لو كان وزير خارجية لبنان لما تصرّف بهذه الرعونة والخفة) الوزير جبران باسيل يعتبر أنه مربوط بـ»حزب الله» وأنّ موقعه في الخارجية لم يكن ليحصل لولا «حزب الله».
الموقف الذي اتخذته القيادة السعودية جاء بعد صبر طويل وانتظار عسى وعلّه أن يهدي هذه الجماعة الخارجة عن القِيَم اللبنانية وعلى مصلحة لبنان ومصلحة العرب.
ما جرى جاء بعدما فقدت سوريا دورها في ضبط «حزب الله» وهنا لا بد أن نتذكر ثلاثة أحداث حصلت أيام الرئيس حافظ الأسد الذي كان يضع حدوداً لـ»حزب الله».
الحادث الأول- ثكنة «فتح الله» في البسطة، يومها تمرّد «حزب الله» فاضطر حافظ الأسد أن يعطي الأوامر للقوات الخاصة بتأديب «حزب الله» حيث قتلت القوات الخاصة 32 عنصراً من «حزب الله» وأبقوا على واحد منهم تبيّـن في ما بعد أنّه شقيق عماد مغنية وقد تركوه ليخبر كيف عوقب الحزب.
الحادث الثاني وقع على جسر طريق المطار يومها قتل الجيش اللبناني 18 عنصراً من «حزب الله» طبعاً بدعم من الجيش السوري وذلك تأديباً لعدم إطاعة الأوامر.
الحادث الثالث- طلب السيّد نصرالله موعداً للقاء الرئيس حافظ الأسد وهو انتظر 3 أشهر لتحديد الموعد والأهم انه انتظر عند أبو سليم مدير مكتب الرئيس 3 ساعات حتى استقبله الرئيس الأسد ليعلمه أنّ مرجعية «حزب الله» هي سوريا وليست إيران.
رحم الله الرئيس حافظ الأسد منذ وفاته في العام 2000 وتسلم ابنه بشار الأسد الذي لم يشبه أباه ولا واحداً في المئة، استطاعت إيران إقناعه بتركيب محطة للمفاعل النووي في دير الزور، وكان يرفضها الرئيس حافظ الأسد.
المرة الثانية عندما جاء الرئيس الايراني السابق احمدي نجاد وأخذ الصورة التاريخية التي جمعت بين الرئيس بشار الأسد والرئيس احمدي نجاد والسيد حسن نصرالله طبعاً لو كان الرئيس حافظ موجوداً لما كان لهذه الصورة التي تظهر ولها معانٍ كبيرة للأسف لا يعرفها الرئيس بشار لأنه بغو في السياسة.
كتبت منذ عدة أيام أنّ العالم العربي يعيش بلا رأس وأؤكد على ما كتبت لأنني أظن أنه لو كان في سوريا رئيس حقيقي لما وصلت الأمور فيها وفي لبنان الى ما وصلت إليه.
كما ذكرت في انتقادي لخطاب السيّد حسن نصرالله عدة مرات أنّ السيّد حسن أولويته ولاية الفقيه ولا علاقة له بلبنان واللبنانيين وحذرنا مراراً وتكراراً أنّ كلام وخطابات السيّد حسن نصرالله تضر بلبنان وتضر اللبنانيين الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية ودول الخليج والذين يبلغ عددهم 800 ألف لبناني يرسلون 6 مليارات دولار سنوياً الى ذويهم في لبنان.
طبعاً هذا لا يعني شيئاً بالنسبة الى السيّد حسن نصرالله الذي يقبض الأموال من إيران لتخريب علاقة لبنان بالمملكة، وإلاّ ما معنى أن يقول آية الله خامنئي إنّ إيران تسيطر على أربع عواصم عربية وهي اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
»حزب الله» يخطط منذ زمن بعيد الى أن يكون لبنان ضمن ولاية الفقيه وتأكيداً على هذا عندما يقول السيّد حسن نصرالله إني جندي في ولاية الفقيه ماذا يعني بذلك؟
أمّا الطامة الكبرى وللأسف فإنّ الجنرال ميشال عون لا يزال يصدّق أنّ «حزب الله» يريده أن يكون رئيساً للجمهورية… وهنا أسأل الجنرال لو طلب السيّد من الوزير فرنجية الذي قال إنّ السيّد هو سيّد الكل أن ينسحب فما هو رأي الجنرال ينسحب أو لا ينسحب؟
يا جنرال عون أرجو أن تعلم جيداً أنّ «حزب الله» لا يريد رئيساً للجمهورية في لبنان يريد أن يكون لبنان كله نعم كل لبنان تابعاً لولاية الفقيه والأيام ستبرهن لك ذلك.
أخيراً، أنا أعلم أنّ القيادة السعودية غاضبة جداً من موقف وزير الخارجية اللبناني وأقدّر مدى غضبهم ولكني لا أزال أطمح بأنّ قلب الملك سلمان بن عبدالعزيز يستطيع أن يسامح اللبنانيين لأنه يعلم أنهم مغلوبون على أمرهم وأنّ هذه الحال الشاذة لن تدوم… ويبدو أنّ نهايتها أصبحت قريبة.