Site icon IMLebanon

السعوديّة تدعم الحريري وقيادات سنيّة بعدما عاد الى خطها كلياً

 

لن تقبل من الذين يدورون في فلكها الإجتماع مع مسؤولين إيرانيين

 

 

في وقت كان الصراع السعودي ـ الايراني على اشده، كان للسعودية مآخذ على الرئيس سعد الحريري الذي كان يطبّع علاقته مع حزب الله ويتقرّب اكثر واكثر من رئيس الجمهورية الذي كان له ولا يزال مواقف مؤيدة لحزب الله وسلاحه، وهذا ما لم  ولن تقبل به السعودية، وطفح كيلها عندما استقبل الحريري مستشار المرشد الاعلى الايراني علي اكبر ولايتي، وكانت محادثات بينهما، اعتبرتها السعودية تجاوز  الحريري للخطوط الحمراء، فانتفضت السعودية بعدما وصلتها المعلومات ان الحريري يساير حزب الله ويلتقي مسؤولاً ايرانياً.

فالسعودية لا تقبل بتجاوزات الحريري، فهي تعتبر انه قبل حصول اجتماع سعودي ـ ايراني على اعلى المستويات، لن تسمح للذين يدورون في فلكها ان يجتمعوا مع مسؤولين ايرانيين.

اذاً، ينطبق المثل الشعبي «ليس لك من صاحب الا بعد قتلة»، على العلاقة بين السعودية والرئيس سعد الحريري، الذي احتجزه مسؤولون في المملكة، وعلى رأسهم ولي العهد الامير محمد بن سلمان، وفرضوا عليه الاستقالة من رئاسة الحكومة في 4 تشرين الثاني الماضي، بعد استدعائه الى الرياض، التي لم يخرج منها الا بعد وساطة دولية ـ اقليمية، واصرار لبناني عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادات سياسية وحزبية على عودته الى بيروت، ليكون حراً ويعلن منها استقالته، التي وما ان وصل اليها، حتى تراجع عنها، وابلغ مناصريه، انه «سيبق البحصة»، لكنه لم يفعل، وبدأت تتسرب معلومات من محيط رئيس الحكومة، وعبر تقارير اعلامية واخرى ديبلوماسية لا سيما العالمية منها، عما حصّل منه، وكان آخرها ما ذكرته «نيوووركر»، عن تعرض الرئيس الحريري للعنف والاهانة.

فما جرى مع الرئيس الحريري، كان في «الحقبة السبهانية»، وفق ما تقول مصادر سياسية متابعة، حيث قام وزير الدولة لشؤون الخليج تامر السبهان، والذي تم تسليمه الملف اللبناني، الى «تركيب ملف للحريري»، عاونه فيه لبنانيون، ان الحريري يقوم بتقديم تنازلات لـ«حزب الله»، الذي يسيطر على قرار الدولة لحساب «دويلته» بحسب السبهان ومعاونيه اللبنانيين ومكن ايران من ان تفرض نفوذها في لبنان، الذي اعتبره المسؤولون الايرانيون، انه الدولة الرابعة، التي لهم القرار فيه، مثل العراق وسوريا واليمن.

فبعد نحو اكثر من ثلاثة اشهر على الحادث غير المسبوق الذي تعرض له رئيس حكومة لدولة ذات سيادة في دولة اخرى، والذي دانته مراجع دولية وعربية، فان القيادة السعووية، اعادت النظر بما فعله السبهان، وابلغ ولي العهد السعودي، بان مواجهة «حزب الله» تكون باخراجه من الحكومة باستقالة رئيسها، واسقاط الشرعية الرسمية عنه، ومحاصرته شعبياً، تقول المصادر التي تشير الى ان هذه الخطة فشلت، والتي كان وراءها اطراف في 14 آذار وآخرون في تيار المسقبل.

كلف احتجاز الحريري في الرياض، اقالة السبهان ووقف تغريداته، وفي لبنان تمتين العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتياريهما السياسيين، واستعادت الحكومة دورها، وارتفعت شعبية الحريري الذي قرر صرفها في الانتخابات النيابية.

الا ان اللافت، كانت الدعوة الرسمية التي وجهت الى الحريري، ونقلها اليه الموفد الملكي نزار العلولا، الذي حل محل السبهان في متابعة الملف اللبناني لزيارة المملكة التي لباها فورا قبل حوالى شهرين، والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد، وطويت صفحة معه، لتبدأ اخرى، تحت عنوان «نأي لبنان بنفسه» عن المحاور وازمات المنطقة، مع الاخذ بنظرية الحريري وهي «ربط النزاع مع حزب الله»، حيث كانت الزيارة اول رسالة سعودية الى ان الحريري ما زال رجلها في لبنان، ولكنه ليس الاول والوحيد، وفق وصف المصادر، وادى ذلك الى انكفاء «السبهانيون» في لبنان، الذين كانوا يحرضون على المواجهة مع «حزب الله»، والذي رفض الحريري السير معهم، للحفاظ على الاستقرار في لنبان، وكي لا ينزلق الى فتنة حرب وحرب اهلية، حيث لاقاه «حزب الله» في طرحه، ووقف الى جانبه في محنته، وعطّل على فريق سعودي ينسق مع اطراف متشددة في ما كان يسمى 14 آذار، وقوع لبنان اقله في فوضى دستورية وسياسية وامنية.

لقد ثبت الحريري نفسه انه الزعيم الاقوى داخل الطائفة السنية، وان البدائل عنه داخلها غير متوفرة، الا من بعض الرموز التي لها حيثياتها الشعبية والسياسية في بعض المناطق، لكن المملكة وفي سياستها تعتمد على انها منفتحة على كل الاطراف السنية في لبنان، ممن هم معها، او على بعض خصومة، وهو ما يترجمه سفراؤها في لبنان، حيث استبدل السفير السابق وليد اليعقوبي والذي لم يمض سوى بضعة اشهر في لبنان بعد تعيينه وقبول اوراق اعتماده، بالقائم بالاعمال السابق وليد البخاري الذي يلعب دوراً ايجابياً في الانفتاح على قوى سياسية ولو كانت من فريق 8 آذار، تقول المصادر، التي تشير الى ان فكرة افتتاح جادة في بيروت باسم العاهل السعودي الملك سلمان، لم يكن البخاري بعيداً عنها، بالتنسيق مع الحريري، الذي يريد دفعاً معنوياً ومادياً سعودياً في الاستحقاق الانتخابي، الذي تسربت معلومات انه وُعد به.

وتمت الاستجابة للحريري، بان لا توجه السفاردة السعودية الدعوة الى من يعتبرهم خانوه الى حفل افتتاح الجادة والعشاء في فندق فينيسيا، وهذا ما حصل، وحضر فقط رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي تربطه بالمملكة علاقة استراتيجية، ويُعتبر احد رموز هذه العلاقة، كما تقول المصادر، حيث اراد الموفد السعودي العلولا، ان تكون مناسبة لاجراء مصالحة بينه وبين الحريري الذي ابتعد عن التحالف مع «حزب الله» في الانتخابات، التي يخوضها ضد لوائحه في مناطقه، في دوائر بعلبك ـ الهرمل والجنوب الثالثة وبيروت الثانية، كما انه ليس متحالفاً بالكامل مع «القوات اللبنانية»، كما مع «التيار الوطني الحر»، وهو ما يفرضه القانون ذلك، وليس السياسة، لان التفتيش هو عن الحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي، وخطاب سياسي عالي النبرة.

فالعلاقة بن الرياض وبيت الوسط، عادت الى طبيعتها، حيث تشير المصادر الى انها تحسنت في تسيير اعمال الحريري في السعودية، وهي بعد ان كانت تعمل لازاحته عن الزعامة الحريرية، باتت تعتبره الافضل بين اشقائه، وليس من منافس له، اضافة الى ان «صقور» تياره السياسي تراجعوا، والمتطرفون ممن كانوا حلفاءه يحاصرهم.