مَن يراقب المشهد السياسي السائد اليوم في البلد، يتراءى له على الفور أن ثمة من يعمل على إفراغ مؤسسات الدولة الدستورية بالقوة، والمشهد المذكور بات يتردّد منذ اكثر من سنة في عدة اطارات، منها الملف الرئاسي ومؤسسة مجلس النواب، واليوم اتى دور الحكومة او المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تقف عرجاء غير قادرة على تحمّل أي ملف، في ظل النزاعات والتناحرات القائمة بين وزرائها، وهذا ما يؤكد أن فريقاً سياسياً يعمل على الهاء المواطنين بعدة بملفات، منها ملف النفايات الذي يكاد يفجّر البلد، بسبب سيره على طريق التسييّس ووتر المناطقية والطائفية.
وفي هذا الاطار سألت مصادر في 14 آذار عن سبب تلكوء الدولة في إيجاد حلول جذرية لهذا الملف كا يجري في كل دول العالم، وحتى في دول العالم الثالث، بحيث يتبعون الطرق العملية الصحيحة، اما في لبنان فكالعادة لا حلول بل خلافات وصفقات مالية وابتزاز متبادل على حساب صحة اللبنانيين، من دون ان يكون هنالك اي رادع، والسؤال:» اين الدولة ورجال السياسة والاحزاب» ؟، ولماذا هذا الصمت ورفع المسؤولية؟ ، وكأن الملف المذكور لا يعني هذا البلد وشعبه الذي يتحمّل اوزار السياسة الخاطئة من اكثرية مسؤوليه.
وتتابع المصادر المذكورة «بأن ما يجري اليوم خطر جداً لان هدفه القضاء نهائياً على المؤسسات، وبالتالي فرض الاستقالة على رئيس الحكومة تمام سلام، الذي بالتأكيد نفد صبره فيما هو يقوم بواجبه، لكن بعض المحيطين به من وزراء يعرقلون عمله. ورأت أن سلام يكاد يقلب الطاولة على الجميع، لكن المملكة العربية السعودية لن تقوم بتغطية انقلابه، لانها لن تقبل فراغاً ثلاثياً على غرار ما يطمح اليه البعض لتحقيق حلمه بمؤتمر تأسيسي، مما يعني ان رهان هذا البعض على إستقالة سلام خاسر جداً، وبالتالي فالامور مرشحة للبقاء هكذا حتى تشرين الاول المقبل، فلا آلية حكومية مشتركة ومقبولة من الجميع، ولا حلول جذرية لكل الملفات العالقة، بل تناحرات ضمن اطار معين اي بعيدة عن لعبة الشارع، وهذا يعني إجازة صيفية طويلة لن يستفيد منها إلا الوزراء الذين حجزوا العطلة الصيفية منذ اشهر، إضافة الى النواب الذين يسافرون تباعاً الى عواصم اوروبا بحثاً عن الراحة، مع العلم انهم لم يعانوا هذه المشكلة في حياتهم.
وتختم المصادر بأن لبنان اليوم مثقل بالهموم والمصاعب اكثر من أي وقت مضى، خصوصاً بعد عودة لغة التصعيد الى الخطاب السياسي، وطغيان الجو المتشنج على الساحة اللبنانية، على أثر الردود المتبادلة بعد كل ازمة تحصل في الداخل، ما يعني غياب اي بارقة أمل تبشّر بإمكان وجود اشارات ايجابية تسمح بحصول توافق لبناني عام .
وهذا التشاؤم خلق عدة عناوين على الساحة ابرزها، ان الجمهورية باتت في خطر كبير والظرف دقيق جداً، والمطلوب معالجة الوضع بأقصى سرعة، لان البيت ينهار، وهذا دليل على مصير اسود ينتظر لبنان، في حال لم يتحرّك المسؤولون والسياسيون المعنيون لوضع حلول للملفات العالقة التي تتراكم يوماً بعد يوم، ما يجعل الوضع غير مقبول ومحتاجاً الى عملية إنقاذ سريعة، لا التلهي بالقشور كما جرت العادة، مذكرّة بقانون السير الذي وُضع منذ فترة لإلهاء اللبنانيين، وإجبارهم على تناسي الملفات المعيشية الصعبة والاستحقاقات الهامة، بحيث بقي الهدف الابرز سحب اموالهم بالقوة، تحت حجة ردعهم عن المخالفات والحفاظ على حياتهم، فيما المطلوب اولاً تحسين اوضاع الطرق، إضافة الى عدم نقل قوانين الدول الاوروبية والتباهي بتطبيقها في لبنان، لان تلك الدول تعطي الحقوق لشعوبها قبل ان تحصل على الواجبات منهم…