Site icon IMLebanon

السعودية تتصدّر «مكافحة الإرهاب»

تصدرت المملكة العربية السعودية «مكافحة الإرهاب« باعتبارها اهم سلاح في مواجهة الفتنة المذهبية خصوصا بعد تجربتين لم تقدّما انجازا حاسما في هذا الاطار: التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بمشاركة نحو 60 دولة والذي مضى على قيامه نحو عام ونصف العام، او التدخل العسكري الروسي بمشاركة دمشق وبغداد وايران الذي انطلق قبل اكثر من ثلاثة اشهر.

فالعالم الاسلامي هو اول من يتحمل اوزار «الإرهاب« المتستر بعباءة الدين الاسلامي واضراره قبل المجتمع الدولي. ومواجهته من قبل كل دولة اسلامية على انفراد يهدر الطاقات التي تزداد فعاليتها بازدياد التنسيق. كما وان مواجهته الناجعة لا تكون كما بينت التجارب السابقة، سواء للتحالف الدولي او لروسيا، إلا عبر البيئة التي يتستر زورا بها. فمكافحته بيد الغرب قد تؤدي للشعور بانها «حرب صليبية» جديدة. اما مكافحته المزعومة بيد ايران وحلفائها فتؤدي الى تأجيج الفتنة السنية-الشيعية، هذا اضافة الى دور هؤلاء في نمو الإرهاب السني وتجذره كعملة مقايضة بين استمرار نظام بشار الاسد وتفشي الإرهاب التكفيري.

فالقرار السعودي قرار «شجاع» بنظر سياسي سيادي لبناني خصوصاً من جراء محدودية مردوده الشعبي في ظل استمرار العنجهية الايرانية. كما وانه يأتي رداً صريحاً وواضحاً على كل ما واجهته المملكة منذ عمليات «القاعدة» الإرهابية ضد الولايات المتحدة صيف العام 2001 من اتهامات مكشوفة حينا وضمنية حينا آخر، تحملها المسؤولية، سواء كنظام داعم او اقله عبر دعم وتمويل عائلات مرموقة.

فمن باريس حيث التقى وزراء خارجية وممثلو 10 دول من «مجموعة اصدقاء سوريا» اكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان هدف التحالف الذي يضم 34 دولة والذي سيعكف على المكافحة ثقافيا عبر الانفتاح، وماليا عبر التجفيف، واستخباراتيا لتعزيز الامن، سيصل الى حدّ تشكيل «قوة ضاربة« للتعامل مع احداث إرهابية لا يقتصر تنفيذها على «داعش».

ويرجح المصدر ان تكون الخطوة السعودية مرتبطة بمندرجات مؤتمري فيينا للبحث في حل سياسي لسوريا خصوصا وانها المرة الاولى التي شاركت فيها ايران، وذلك رغم ما يظهر من استمرار الخلاف على مصير بشار الاسد، والذي يضعه المصدر في خانة تمسك كل طرف باوراق اضافية لطرحها على طاولة التفاوض.

فقد اتى الاعلان اولا، بعد انطلاق الحوار في جنيف، عن حل لليمن، وبعد نجاح المملكة في توحيد المعارضة السورية في مؤتمر الرياض الاخير خصوصاً وان الذريعة الاساسية التي كان مؤيدو بشار وحتى معارضوه الغربيون يتسترون خلفها وهي «شرذمة» القوى المعارضة بحيث ان التخلص من بشار سيصب على الارجح في خانة ارباح تنظيم «داعش« وامثاله. وثانيا اعقب كشف السعودية عن خطوتها اعلان اميركي – روسي عن «ارضية مشتركة» بين الذين سيلتقون غدا الجمعة في نيويورك لاستكمال مفاوضات فيينا. وللسعودية تجربة سابقة في هذا المجال من خلال محاصرتها تنظيم «القاعدة« ومواجهته حتى عقائديا من خلال برامجها التثقيفية. كما وان القرار تزامن مع خطوة داخلية اصلاحية لافتة تمثلت في مشاركة المرأة للمرة الاولى في الانتخابات البلدية اقتراعا وترشيحا. 

وسبق لديبلوماسي لبناني عامل في بروكسل ان روى منذ عامين ان لقاءات تعقد في مركز الحلف الاطلسي تبحث في سبل التوصل الى تشكيل قوة اسلامية – دولية هدفها حماية الحل السياسي حين يتبلور، وتصل حد البحث في سبل تامين الأموال الازمة خصوصا للإيواء بما يسهل عودة النازحين وحمايتهم.

ويرى السياسي السيادي ان خطوة المملكة تعني حكما استشرافها بان مطلبها الاول، استبعاد الاسد عن مستقبل سوريا بغض النظر عن مشاركته او عدمها في المرحلة الانتقالية، بات يحظى بشبه توافق دولي يشمل روسيا وربما ايران لافتا الى تسمية سفير سعودي في طهران. ويدرج في هذا الاطار رضى المملكة كما يبدو عن احتمال وصول سليمان فرنجية، المعروف بصداقته الشخصية مع بشار، الى سدة الرئاسة الأولى في لبنان.