IMLebanon

السعودية وتركيا معركة وجودية!

منذ تدخلت روسيا في الصراع في سوريا في شكل مباشر وشديد العنف، وسعيها الى قلب موازين القوى على الارض بمحاولة تحقيق انتصار حاسم لمصلحة التحالف الذي يضمها الى ايران ونظام بشار الاسد، تحولت الحرب في سوريا الى حرب وجودية لكل من النظام العربي الذي تقوده الممكلة العربية السعودية وتركيا التي تشترك مع سوريا بحدود طويلة ومتداخلة جغرافيا وديموغرافيا. وبدا أن تكثيف روسيا حربها على الثورة السورية لم يتوقف عند فرض توازن بين نظام الاسد المتهاوي الذي كان على حافة السقوط في نهاية ايلول ٢٠١٥، بل امتد في العمق والكثافة والميدان ليشكل خطرا تعتبره السعودية شبيها بالخطر الذي برز مع استيلاء الحوثيين على صنعاء سنة ٢٠١٤، فيما تعتبره تركيا، بالنظر الى دعم ميليشيات كردية مرتبطة بـ”حزب العمال الكردي” لتتمدد على الحدود مع تركيا، تهديدا كيانيا خطيرا يمس أمن تركيا القومي ووحدتها.

عندما حركت ايران حلفاءها في اليمن لاسقاط الاتفاقات السياسية المعقودة، والاستيلاء على العاصمة ومساحات واسعة من البلاد، وجدت السعودية نفسها أمام تهديد مباشر يمس الكيان والامن القومي، فصنعاء في العقل الاستراتيجي السعودي بوابة من بوابات الرياض نفسها، وكان أمام المملكة خياران: الاعتماد على الحليف الاميركي لوقف الهجوم الايراني بواسطة الحوثيين، او التصرف من تلقاء نفسها. ومعلوم ان سياسة الادارة الأميركية الحالية كانت ولا تزال تقوم على ترك الحلفاء يواجون مصيرهم وحدهم، والتنصل من كل التزام حقيقي مثلما حصل بالنسبة الى سوريا وغيرها، ومن هنا ما كان أمام السعودية المعروفة بسياستها الهادئة والمحافظة إلا أن دخلت حرباً عبر قيادتها لتحالف عربي – اسلامي لمنع سقوط اليمن (بوابة الجزيرة العربية) بيد الايرانيين.

في سوريا تشترك السعودية مع تركيا في اعتبار سقوط هذا البلد المحوري بيد تحالف روسي – ايراني بمثابة تهديد مباشر لأمن البلدين الكبيرين. فهزيمة الثورة السورية، إذا حصلت، ينظر اليها على انها مدخل للمس بأمن السعودية وتركيا وكيانيهما. فاللعب بالورقة الكردية على حدود تركيا، بما يحمله من خطر وجودي على وحدة تركيا، يذكر كلا من المؤسسة العسكرية والرئيس رجب طيب اردوغان بـ”حرب الاستقلال” التي قادها مصطفى كمال اتاتورك بعد نهاية الحرب العالمية الاولى عندما خاض حربا دموية للحفاظ على الكيان التركي.

يستنتج مما تقدم أن على روسيا وإيران وضع احتمال نشوب حرب على المسرح السوري مع الشرعية العربية – الاسلامية (السنّية) الممثلة بالسعودية وتركيا، حينها قد تكتشف موسكو ان تدخلها لم يعد نزهة.