بات واضحاً أن الوضع اللبناني وصل الى مرحلة صعبة وخطرة، حيث لا يمكن الاستهانة بما يحصل على صعيد العلاقات اللبنانية الخليجية لا سيما السعودية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان المملكة تنتظر تغييرات ما في القرارات اللبنانية، بشكل أن يكون مسارها متلائماً مع هوية لبنان العربية. وهي تريد أفعالاً وليس أقوالاً. المملكة والخليج كانا يتوقعان من الدولة اللبنانية تحديداً أن تكون لها مواقف داعمة لهم في المحافل الدولية ومتضامنة أكثر.
المملكة تريد توازناً في مواقف لبنان حيال ما يحصل في المنطقة وليس أن يكون نائياً بنفسه في مواقع ما، ولا ينأى بنفسه في مواقع أخر. الخليج يشعر انه في مرحلة المواجهة المفتوحة مع إيران، في جبهات عدة في سوريا واليمن والعراق. يجب في نظره أن تكون مواقف لبنان على المستوى المطلوب، كما تريد المملكة تطمينات وضمانات حول ذلك، لا بل تعهدات.
وتفيد المصادر أيضاً، أن الخليج يطلب وقف الحملات ضده من «حزب الله»، وهو يلاحظ أن وجوده في كل من سوريا واليمن والبحرين هو بمثابة تدخل بشؤون هذه الدول من ذراع إيران الأولى في المنطقة.
مواقف لبنان في الجامعة العربية، وفي منظمة التعاون الاسلامي، لا تزال مكتوبة على ورق في مسائل التدخلات الإيرانية في الدول العربية. لا شك أن الوضع صعب، وسطوة السلاح موجودة، لكن هذا لا يمنع وجود مواقف حازمة من الدولة.
هناك انتظار للتطورات في الموقف اللبناني، وأي عدم اكتراث، سيؤدي الى مزيد من الخطوات قد تطال ترحيل للبنانيين، وسحب سفراء، ومنع تأشيرات عن اللبنانيين ومنع الطيران السعودي من المجيء الى لبنان، وإعادة النظر بالوديعة في مصرف لبنان، حتى في مجال الهبة للجيش في حد ذاتها، فمن الممكن أن تحول الى مكان آخر، وفقاً للمصادر.
وتفيد مصادر وزارية، ان وزراء «حزب الله» عبروا خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، عن مواقفهم الاقليمية وليس اللبنانية. فتحدثوا عن التعاطي السعودي مع اليمن والتدخل الخليجي في البحرين وكأنهم يقومون بمطالعة عن هذا الدور في المنطقة. اهتمامهم في مكان آخر، لكن وزراء آخرين دعوهم الى أن يصار الى الاهتمام بالوضع اللبناني، والتحدث بمصلحة لبنان.
هناك تخوف من وضع سيئ يعانيه لبنان، والوضع يدور في حلقة مفرغة وفقاً لمصادر سياسية بارزة، إذ يجب أن يتغير التعاطي مع الخليج. السعودية تتفهم الواقع اللبناني لكن الأمور خرجت عن حدها. وليس مطلوباً أن ينجر أي طرف لمحاربة الحزب، لكن يجب على الموقف السياسي للبلد أن يتغير.
هناك مجموعة عوامل لبنانية أدت الى اتخاذ القرار السعودي، وهناك تراكمات ضغطت في هذا الاتجاه، بحيث أن معظم القرارات التي تتخذ تتم مثلما يريد «حزب الله»، وليس من يقف في وجهه. وليس مقصوداً بمواجهته حمل السلاح، إنما في الموقف السياسي. مثلاً: هناك قضية الوزير السابق ميشال سماحة، فما الذي كان يمنع إحالتها الى محكمة أخرى، فضلاً عن مواقف أخرى، وكأن قرار الحكومة بات في يد الحزب.
وهذا ما ينطبق أيضاً على سياسة لبنان الخارجية، إذ ليس من الضروري معاداة أي طرف، إنما يجب تحييد لبنان عن اتخاذ أي موقف في الصراع الدائر في المنطقة، وليس الابتعاد عن الموقف العربي. كان يفترض بلبنان ايجاد موقف آخر مع الحياد، إنما لم يعد مقبولاً خليجياً، أن يساير إيران ويبتعد عن العرب. وان يتفهم الخليج وضعه ولا تتفهم إيران ذلك أيضاً.
الخليج والسعودية تحديداً، دخلت في حرب في المنطقة، ولم يعد مقبولاً لديها أن يقوم بلد مثل لبنان بمواقف متطرفة ضد سياستها في إطار الصراع القائم في المنطقة. وتشير المصادر، الى انه بإمكان 14 آذار المقاومة سياسياً، ولا يجوز السير والتسليم بالأمر الواقع. العرب والخليج تحديداً يريدون أن يعرفوا تحديداً أين موقع لبنان في الصراع الاقليمي، بعد المواقف الأخيرة في لبنان، ثم الاستنتاج أن لبنان «لا يساير» بل انه يعمل ما يريده الحزب وإيران، وقرار حكومته بات في يد الحزب. وهذا أكثر سبب وراء القرار السعودي.
المواقف الضبابية في لبنان، لم تعد تنفع، وفق المصادر، في النهاية هناك صراع كبير في المنطقة، وعلى لبنان تحديد موقعه.
السعودية حالياً في خضم معركة كبيرة وحاسمة في المنطقة، وتريد مواقف واضحة حيال مواقفها وتحركاتها. القرار السعودي جرى دعمه فوراً من دول مجلس التعاون، لكن موقف لبنان إذا استمر من سيدعمه؟!. واستمراره قد يعرضه لعزلة عربية ودولية.
ربما في الموقف السعودي الأخير ما يفرض على المجتمع الدولي إعادة النظر بموقفه من الملف اللبناني، بحيث، تتم ضغوط على إيران لتسهيل حصول الانتخابات الرئاسية، نظراً لخطورة الوضع السياسي الذي وصل إليه، ومنعاً لمزيد من المحاولة الإيرانية الامساك بالورقة اللبنانية، وما يمكن أن يؤدي ذلك في المستقبل، وحصول انتخابات رئاسية قد يفسح في المجال لحكومة متوازنة.