Site icon IMLebanon

السعودية تريد من الحريري «وثيقة استسلام» حزب الله

 يعود الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة؟.. ام يُكرِّس استقالته بصورة رسمية وينكفىء عن المشهد رويدا رويدا، بعد ان يعتذر عن تشكيل حكومة جديدة !، الامر ما زال مرهونا بالارادة السعودية المستمرة في تصعيد خطابها ضد لبنان، من بوابة «حزب الله» الذي يشكل «ذراع ايران في المنطقة ويتدخل في شؤون دول عربية» وفق الاتهام السعودي الذي جاء في بيان استقالة ـ اقالة الحريري من الرياض.

هل ما جرى في الساعات القليلة الماضية، في «فكفكة» ازمة احتجاز رئيس الحكومة المقال سعد الحريري، انتهاء للازمة السياسية التي احدثتها «الاستقالة المريبة»؟، ام انها بوابة لدخول المزيد من التداعيات والتعقيدات التي تتخذ هذه المرة سمة «الاقليمية»، لارتباط ما يجري من ضغوط سعودية على لبنان، من بوابة دور «حزب الله» في اليمن؟، وهل يتلقى اللبنانيون «صدمة سلبية»، بعد «الصدمة الايجابية»! التي اكرمها الحريري عليه في استقالته !، حين تتفاعل القضية من جديد، ومن دون عودة محتمة له الى بيروت، سيما وان احدا لم يؤكد بعد، ما اذا كانت التأشيرة السعودية لسفر الحريري الى العاصمة الفرنسية باريس تلبية لدعوة «من صديق»، ستكون بصلاحية السفر الى لبنان، الامر الذي ادخله الحريري نفسه في دائرة ضبابية، حين لفت الى انه ما زال بحاجة الى ايام لاجراء مراجعة قبل العودة الى بيروت!.

 

 هل انتظرالسعوديون «استسلام» حزب الله؟

 

السيناريو الذي كان مرسوما قبل الضغوط التي مارستها فرنسا على السعودية، واستدعت زيارة لرئيسها كانت ثقيلة على السعوديين ، والتحرك اللبناني الخارجي «المُزعِج» والتلويح بايصال القضية الى الامم المتحدة، بالتزامن مع ضغط اوروبي كان كفيلا بادخال البلد في ازمة سياسية تطيح بالسلم الاهلي، وفيما لو قرر السعوديون اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الاعلان عن الاستقالة، تقول الاوساط، فان الحريري سيكون ضعيفا امام حلفائه واخصامه، وما سيزيد من ضعفه قيام السعودية بطرح اسماء في السوق السياسية لترويجها كبديل مستقبلي عن الحريري الذي «تقاعس» عن تلبية الاولويات السعودية في لبنان، وفي مقدمها استهداف «حزب الله» ومحاصرته، وصولا الى شيطنته في المحافل الاقليمية والدولية، وهو ما يعجز عنه الحريري او اي قوة سياسية قائمة او بديلة عنه، لكن الحريري، وبقناعة الحريري، انه لن يحصل من «حزب الله» على وثيقة استسلامه للسعوديين .

معظم الذين يتناولون سيناريو التهديدات السعودية للبنان، يُهملون ما يمكن ان يلجأ اليه لبنان الرسمي، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية وحلفاؤه من القوى السياسية من خصوم السعودية، كرد على التصعيد السعودي الذي قد تحمله عودة الحريري الى بيروت للبت بالاستقالة، فالحريري ليس هو اللاعب الوحيد ..ولا الخيارات المطروحة ستكون صعبة المنال ..لكل حسابه، وقد المح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الى احد الخيارات الدستورية لتفادي الشلل الحكومي، من خلال اجتماعات استثنائية لمجلس الوزراء، لكن الامر يبقى مرهونا بالخروج من حال الانتظار، وثبوت عودة الحريري الى بيروت..بعيدا عن اي مناورات مُفخخة تدفع البلاد نحو المزيد من التأزم، فالمخارج متاحة امام لبنان لمواجهة مثل هذه التحديات.

 

 حين يُطلب من المنتصر تقديم تنازلات للمهزوم!

 

السيناريو السعودي الاخطر المتوقع، والذي بات من قراءات بعض الجهات السياسية، هو ان تسعي السعودية، وبعد خطوة «الافراج» عن الحريري، لادخال لبنان في الفراغ الحكومي والارباك، من خلال تكريس الحريري استقالته والاعتذار عن تشكيل حكومة جديدة، والعمل على محاصرة الشخصيات السياسية السنية ذات «الوزن الثقيل»، كي لا تتقدم لتشكيل الحكومة، لتعميق المأزق السياسي في الداخل اللبناني، على ان يتزامن ذلك مع ارتفاع في وتيرة التصعيد باتجاه لبنان، واولى اشاراته ستحملها القمة العربية المنعقدة في القاهرة يوم الاحد، والتي سيكون موضوع ايران و«ذراعه» في لبنان، الملف الوحيد على طاولة المندوب السعودي، وبالتالي، فان السعودية تبدو في صورة انها لم تتراجع لجهة تهديداتها التي «اغرقت» لبنان، وانما اخرجت نفسها من ازمة احتجاز الحريري، وحافظت على «مونتها» على لبنان .

ما لم يقله «حزب الله» في شأن «سلة المطالب» السعودية التي ستحملها عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، في حال ذهبت الامور باتجاه العودة الى بيروت، و«كأن شيئا لم يكن»، يقوله قارئون تابعوا المسار السياسي والعسكري الذي سلكه «حزب الله» مع العام الاول على اندلاع الحرب على سوريا، بان الحزب ليس في وارد اخفاء دوره العسكري في جبهات قتالية كانت مشاركته فاعلة ومؤثرة في سوريا والعراق، اما في اليمن فان وجوده يختلف، وهو يقتصر على خبراء وتقديم مساعدات انسانية، وفق ما قالت اوساط مقربة من الحزب،  وهذا المسار اعطاه دورا ووظيفة وموقع تجاوز حدود لبنان، لكونه تعامل بفعالية مع ملفات استراتيجية مؤثرة على خارطة المنطقة…والبحث عما يمكن ان يقدم كقربان على مذبح التنازلات للسعودية، يكاد يشبه عمليات «التنقيب»، وهو اذا ما وُجد، فانه لن يهدىء من الجموح السعودي نحو استهداف لبنان ومن فيه، فضلا عن ان مشهد تقديم طرف منتصر كـ «حزب الله» التنازلات للمهزوم، سيكون مشهدا هجينا وغير مألوف في لعبة الصراعات.

 

ما زال الوقت مبكرا، يرى متابعون، لتتظهَّر صورة الخسائر السعودية، ومعظمها لم يطفُ على السطح بعد، في هجمتها على لبنان.. هجمة بدأت باقالة الحكومة ..ولن تنتهي مع وصول الحريري الى باريس.. او بيروت.