Site icon IMLebanon

السعودية «فرملت تصعيدها»… وحربها اقتصادية وديبلوماسية

 

لم تصدر اشارات سياسية من المملكة مؤخراً توحي بانها غير موافقة على التسوية السياسية، فالمواقف المعلنة وحتى المسربة من الرياض تحصل على نطاق ضيق منذ ازمة الاستقالة، فهل دخلت الرياض مرحلة التريث لبنانياً وتلبست الحالة السياسية ذاتها التي اعتمدها لبنان عندما فقد الاتصال برئيس حكومته في المملكة قبل شهر من اليوم ؟ وماذا هي فاعلة اليوم للخروج من المأزق اللبناني الذي دخلت اليه فخرجت «بدون اسنان» ومشظاة باصابات خطيرة في علاقاتها مع لبنان الرسمي الذي كان وضعها في اول اولوياته فبادر رئيس الجمهورية قبل اي خطوة في بداية عهده الى زيارة المملكة كاسراً حواجز سياسية لفتح صفحة مختلفة في العلاقة؟ متى تخرج من التريث الذي تمارسه وما هي ردات فعلها على فشل مشروعها الانقلابي في لبنان؟ تساؤلات كثيرة تحوم في اجواء العلاقة اللبنانية السعودية بدون ان تتحدد معالمه والى اين ستصل، فالرياض التي دخلت على الحياة السياسة مؤخراً بصخب سياسي وصل الى حدود التهديد الاغتيال السياسي والمعنوي لرئيس الحكومة اكثر المقربين منها في لبنان تمارس حالياً التهدئة ولا تصدر ضوضاء سياسية او اي تعليقات حيال المسائل اللبنانية، بحسب اوساط مطلعة على الملف السعودي، فالسعودية تحاول الإيحاء بانها تمارس سياسة النأي بالنفس عن الملف اللبناني، وعليه فان القرار الحكومي بعد اجتماع مجلس الوزراء لم تعلق عليه السعودية بعدما سحبت كل المتحدثين باسمها لبنانياً ووضعتهم في التصرف الى حين تراخي ادعمة المظلة الاقليمية التي تحمي لبنان فعندها تصبح العودة الى السياسة حتمية وفي المستوى المقبول.

تحاول الرياض الايحاء بأنها تنأى بنفسها عن الملف اللبناني لكن ما يجري على الساحة اللبنانية لا يعجب المملكة بالمؤكد وما تريده الرياض من لبنان ابعد من حدود صمتها اليوم وفق الاوساط، لكن انتظار هدوء العاصفة تحتمه الظروف التي اوجدته بعدما خطفت رئيس حكومة لبنان واحرقت اوراقها مع ابرز حلفائها على الساحة السنية وآل الحريري، وقد اصابها رئيس الحكومة في الصميم وهو يثبت مصالحته مع العهد بالتسوية المتطورة للنأي بالنفس، وعندما اعطى «شرعية» معينة لسلاح حزب الله عندما قال الحريري في تصريحه لـ «باري ماتش» ان حزب الله لم يستعمل سلاحه في الداخل. وبالاساس فان السعودية تحصي الاضرار عليها التي استجلبتها في عاصفة اجبار الحريري على الاستقالة، فهي مستاءة من عودته عن الاستقالة ومن حملات «صقور» الحريري ومستشاريه والمستقبليين وتمردهم عليها، وهي التزمت الخط الاقليمي الاحمر بعدم التجاوز وعدم اللعب في الملعب اللبناني في الوقت الراهن.

تمارس السعودية سياسة «عض الاصبع» اليوم وتحاول التقاط الانفاس قبل العودة، تضيف الاوساط، وثمة مراجعة شاملة لمكامن واسباب فشل الانقلاب السياسي الذي نفذته قبل اي مبادرة وخلاصتها كما بات معروفاً في النقاط التالية، اولأ التدخل الدولي الفرنسي والمصري الذي ضغط لاسترداد سعد الحريري وحماية لبنان، وعدم حدوث التجاوب البناني مع الخطة او وقوع احداث وفتنة بين الشيعة والسنة على خلفية الاستقالة كما كان مخططاومتوقعاً سعوديا، وموقف رئيس الجمهورية الذي احسن ادراة الملف واجراء التحرك والاتصالات الدولية ومواكبة الازمة بالتريث وضبط الانفعالات، ولاقاه حزب الله في عدم التصعيد والتزام التهدئة، وفيما كان مقرراً ان تتحرك المخيمات لتلاقي الموجة التخريبية في الاتصالات السياسية والامنية نجحت في ضبط الوضع الأمني وعدم حدوث اي تحرك من المخيمات يقلق الساحة المتوترة سياسياً، في حين ان «جماعة السبهان» لم يحسنوا ترتيب امورهم واعتماد تكتيكات المواجهة والتعاطي مع الوضع الذي افلت من سيطرتهم فلم يصدقهم احد، فالوزير السابق أشرف ريفي لم يستطع الامساك بالشارع السني والحلفاء المسيحيين للمملكة خاضوا مواجهه لم تتجاوب معها الجماهير وشعبيتهم السياسية،  وبالتالي فان حركة الاستدعاءات التي قامت بها المملكة قبل تنفيذ المقلب بالحريري لم تحقق غاياتها واهدافها، وبات مؤكداً ان الرياض فقدت ابرز اوراقها اللبنانية لكن هذا لا يعني الاستسلام وفق الاوساط فهي ستعاود تزييت محركاتها للعودة الى الساحة اللبنانية وادواته الداخلية الموجودة وان تم تبديل بعضهم او اللجوء الى خيارات بديلة.

واذا كانت السعودية «فرملت تصعيدها» على لبنان في الوقت الراهن لكن حربها سوف تركز على جوانب اخرى، فتصريحات وزير الخارجية عادل الجبير استهدفت القطاع المصرفي، والضغوطات السعودية على حزب الله لن تتوقف بمختلف الطرق والوسائل، الحرب الديبلوماسية بين لبنان والمملكة تحصل «على الناعم» في الكواليس الديبلوماسية، فلم تحدد وزارة الخارجية موعداً للسفير السعودي وليد اليعقوبي لتقديم اوراق اعتماده فيما لم توافق الرياض بعد على اعتماد فواز كباره المعين من مجلس الوزراء سفيراً لديها.

ترميم العلاقة التي تصدعت مع تيار المستقبل غير مطروحة اليوم وفق الاوساط، صحيح ان سعد الحريري لم يتعرض بالشخصي للمملكة رغم «الإساءة» التي حصلت معه من قبل الجانب السعودي، لكن الحريري حاول عدم الدخول في العلاقة الشخصية مع المملكة فتحدث بعد مرور الاستقالة عن علاقة تاريخية مع الرياض وجوانب اجتماعية في حياته فيها في محاولة تجميلية لما حصل فقط لا تتعدى الاطار الشكلي الى المضمون السياسي، ورئيس الحكومة منصرف الى ترتيب بيته المستقبلي اكثر والامساك او انهاء الحالات الخاصة في تيار المستقبل، وادار ظهره لما جرى معه في الرياض مؤخرا ويعمل على شد عصبه السني الجماهيري لاثبات القوة الذاتية له في الانتخابات النيابية بدون احد، حى لو كان هذا الاحد المملكة بدعمها المادي الذي استغنى عنه الحريري بدون منة من احد، مفضلاً السلطة في لبنان والحكم مع رئيس الجمهورية على اي امر او اولوية اخرى، يدرك الحريري ان التعرض له او لعائلته من اي طرف خط احمر رسمته فرنسا والمجتمع الدولي مظلة حماية له، وعليه فانه لن يكون ملتزماً مع اي طرف في السياسة، مواقفه وعمله الحكومي ان دل على شيىء مؤخراً فعلى ان الحريري الجديد فك مساره مع الرياض وبات متحرراً من اي قيود او ضوابط او التزامات سياسية.