IMLebanon

السعودية ستحيّد الحكومة

يدرك العارفون بالحرب التي دارت بين السعودية وحزب الله وبين حلفاء المملكة وحزب الله ان الضحية الاولى لتلك المعركة التي اندلعت بين المملكة ولبنان الرسمي على خلفية الهبة السعودية قبل ان يخرج الامين العام لحزب الله ويضع النقاط على الحروف داعياً السعوديين لان «يحلوا» عن المقاومة وبان لبنان لا يحتاح الى اموالهم، فان الضحية الاولى لذلك التصعيد كان زعيم المستقبل سعد الحريري الذي تزامن مع حضوره الى لبنان فاضطر الحريري الى مسايرة الموقف السعودي والهجوم الى حين قبل ان يكتشف الحريري ان مجاراة المملكة تكلفتها باهظة لبنانياً، حيث ان الحريري وفق الكثير من المتابعين كان الأكثر تضرراً من الهجوم السعودي المباغت الذي هدد الحوار والسلم الأهلي وأثر في مسار المشروع الرئاسي للحريري بترشيحه لزعيم المردة الحليف الاستراتيجي لحزب الله الذي يتعرض لحملة سعودية لا مثيل لها في تاريخ العلاقات بين الطرفين ، في حين ان فرنجية وجد نفسه مربكاً في حرب اطلاق النار بين المملكة وحزب الله ، فهو بالاساس الحليف الاساسي والاستراتيجي للمقاومة والهجوم السعودي اتى في سياق اللحظة غير المناسبة لكل من سعد الحريري وسليمان فرنجية .

خطة الحريري من العودة كانت تقتضي احداث تغيير في الاحداث وقلب موازين القوى فالحريري كان يتطلع للعودة الى السراي الحكومي ، وامساك الشارع السني المتهاوي وايصال سليمان فرنجية الى قصر بعبدا قبل ان تطيح السعودية بآخر طموحات الحريري وخطته للعودة الى الساحة اللبنانية ، صحيح ان التصعيد السعودي بلغ سقفه الاعلى ضد لبنان ، سحب الهبة للجيش ، طرد وعدم تجديد اقامات ، ضغط على الامارات والكويت وقطر لركوب موجة التصعيد في لبنان ، الا ان الواضح ان الاجراءات السعودية لم تصب فريقاً معيناً محدداً بل الجميع بمن فيهم حليفها سعد الحريري ، وحلفاؤها الذين اصيبوا بالارباك والاحراج ، فانعكس الامر ارباكاً في التعاطي مع المسألة ، فالتصعيد السعودي لا يمكن ان يكون ظرفياً او عابراً بل ذات صلة بكل الملفات وما سيحصل على الساحة في المرحلة المقبلة ، ووقف الهبة المخصصة للجيش والقوى الامنية استهدف المؤسسة العسكرية اكثر مما اصاب حزب الله، لأن الجيش هو على تماس مباشر مع الارهابيين وهو بأمس الحاجة للعتاد العسكري ولتسييل تلك الهبة سلاحاً في معركته مع الارهابيين .

وباعتقاد اوساط سياسية فان لا مؤشرات بعد عن تراجع التصعيد السعودي وان الرياض على ما يبدو ستكمل تصعيدها ، لكنها لن تستهدف هذه المرة الدولة اللبنانية كما حصل قبلاً بعد تليين الموقف الرسمي واعتذار رئيس الحكومة تمام سلام من الجانب السعودي بدون ان يعني ذلك حلحلة كبيرة في الموقف السعودي تجاه الدلة خصوصاً ان الجانب السعودي لم يعط جواباً شافياً عن استعداده لاستقبال وفد رسمي لبناني ، بل ان المملكة ستكمل تصعيدها ضد حزب الله وحده بتحييد نفسها عن العلاقة مع الدولة . والرياض لن تتكل على حليفها سعد الحريري في المعركة لأن حجم التصعيد الذي قام به الحريري لا يعجب الرياض خصوصاً وان زعيم المستقبل لم يلب طموحات السعودية داخلياً بعد ان عاد الى طاولة الحوار وجلس المستقبل مع حزب الله .

والمملكة باتت على قناعة بان ما تقرره لا يحصل التزام به داخلياً من قبل حلفائها، تؤكد الاوساط بسبب عدم قدرتهم على تلبية مطالبها ، فالمرشح الذي ارتضت به السعودية سليمان فرنجية وجد نفسه مضطراً لأن يعلن التزامه ب8 آذار عندما اشتدت الحملة على حزب الله فغرد فرنجية على «تويتر» بان المقاومة ترفع رأس لبنان عالياً والعرب وعبر عن اسفه من ان ترجم المقاومة من بيت ابيها، وهذا الموقف وان عبر عن قناعة والتزام ثابتين بخط المقاومة، الا ان له دلالاته وتأثيراته وما يمكن تفسيره خصوصاً وان فرنجية حائز على موافقة وقبول المملكة على ترشيحه ومباركتها لسعد الحريري بالخطوة ، وان السعودية دخلت خط الحرب المكشوفة والتي لا رجوع عنها مع حزب الله على ما يبدو من سياق التصعيد الحاصل .واذا كان فرنجية حاول ان يبقى على مسافة واحدة وتمايز بين السعودية وحزب الله فانه ظهر بانه لم يغادر المربع الاول ، وقام بتسليف الحزب الموقف القوي بدعمه في قلب المعركة التي تقودها المملكة وبانه يتنمي الى هذا المحور عندما تدق ساعة المواجهة وهو ابن هذا الخط .

واذا كان التصعيد الذي بدأته الرياض مستمرا في المرحلة المقبلة، فان الواضح ان المملكة اكتشفت ان لحلفائها قدرة محدودة بمساندتها في خطتها بالحرب على حزب الله خصوصاً وان هؤلاء الحلفاء مدركون تماماً لتعقيدات وتشابك الملف اللبناني ، ولا يتحمل احدا مسؤولية التدهور او ما ستؤول اليه المواجهة في الداخل ، وعليه ترى الاوساط يمكن اعتبار ان زيارة الحريري الخاطفة ليلاً الى السعودية لا يمكن البناء عليها كثيراً في ضوء الشح المالي الذي يبدو مستمراً للحريري الذي يحتاج لتمويل معركته البلدية .