IMLebanon

السعودية تفجّر قنبلتها في وجه لبنان من عمان

فيما ينشغل الداخل اللبناني في اكمال مسلسل الانجازات من اقرار للموازنة وسلسلتها، واستكمال ترميم هيكل الدولة الاداري والامني عبر سلة التعيينات الموعودة بعد يومين، وصولا الى اجتراح معجزة قانون جديد للانتخابات، فجرت السعودية قنبلة دبلوماسية في وجه لبنان، مع تحفظ مندوب المملكة لدى الجامعة، مدعوما بزميليه البحريني والاماراتي، على «بند التضامن مع الجمهورية اللبنانية» بالكامل الذي درجت العادة ان يقر روتينيا، في سابقة خطيرة لم تألفها العلاقات بين البلدين.

تطور وان اعتبره البعض سلبيا ومؤشر الى عودة التوتر على الخط اللبناني-? الخليجي، رغم الاتصالات على اعلى المستويات التي شهدتها الساعات الماضية، وقوبلت بايجابية سعودية حذرة، رجحت مصادر في الثامن من آذار ان تكون تلك الخطوة قنبلة دخانية هدفها «ترهيب» الرئاسة اللبنانية في خطوة استباقية لما يمكن ان تشهده القمة العربية، خصوصا ان الموقف السعودي المستجد لا يحظى بدعم الدول العربية كلها وفي مقدمها مصر، خصوصا بعدما اكتشفت المملكة ان ما نقل اليها من تقارير عن مواقف سفراء دول مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان لم يكن صحيحا وان الدبلوماسيين الذين اجتمعوا في اليرزة فضلوا عدم تأكيد او نفي ما سرب ونشر امام مراجعيهم.

مصادر رئاسة الجمهورية تؤكد ان هناك من يريد ان يقرأ كلام الرئيس ميشال عون وفقا لأهوائه او حساباته، رغم ان الدوائر اللبنانية المعنية اوضحت حقيقة الموقف الذي جاء في سياقه كلام الجنرال للاطراف الاقليمية والدولية المعنية، عبر اكثر من قناة مباشرة وغير مباشرة، غامزة من قناة البعض الذي يحاول ضخ اجواء سلبية تهويلية مضخمة ومبالغ فيها كثيرا، ساعيا الى «توريط» الرئاسة بمواقف لا تعنيها محرضا ضدها بعدما نجحت زيارات رئيس الجمهورية العربية الى تحقيق المبتغى منها، محيلة المشككين بالموقف من الجيش الى الكلام الرسمي الذي سجل في محاضر رسمية حيث دعا العماد صراحة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي روبرت كوركر جنيور الى تسريع عملية تسليح الجيش اللبناني ودعمه ليستعيد احتكار الدفاع عن لبنان وارضه وشعبه في مواجهة اي خطر خارجي ايا كان مصدره.

كلام لاقى بحسب المصادر اصداء غربية ايجابية ، سواء مما سمعه المسؤولون من الوفد العسكري الاميركي او من وزير الدفاع الفرنسي الذي اكد استمرار بلاده في مساعدة الجيش وزيادة الدورات التدريبية لعناصره، تزامنا مع وصول السفينة الكبرى في الاسطول البحري البريطاني HMS OCEAN في زيارة الى بيروت والتي من على متنها كشف سفير لندن عن هبة بقيمة 65 ألف دولار اميركي الى مغاوير الجيش اللبناني.

ووسط تكاثر التسريبات عن الغاء الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مشروع زيارة كان يعتزم القيام بها الى لبنان، رغم تأكيد المعنيين عدم دقة ذلك مكتفين بالاشارة الى تحضيرات جارية لزيارة وزير الاعلام السعودي الى بيروت لمتابعة نتائج قمة الرياض، من جهة وعودة المملكة عن الخطوات الانفتاحية التي كانت وعدت بها، خصوصا المساعدات العسكرية، في مقابل اتجاهها الى مزيد من التشدد ودرسها لخطوات تصعيدية بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي، وعزمها طرح تدخلات ايران وحلفائها من ميليشيات شيعية من بينها حزب الله في الشؤون العربية على طاولة القمة العربية في الاردن منتصف الشهر الحالي، حيث تؤكد المصادر ان الانظار الدولية والاقليمية متجهة نحو كلمة رئيس الجمهورية اللبنانية وموقفه من الملفات المطروحة والتي ستكون لها تداعيات اذ ما بعدها لن يكون كما قبلها.

وفي هذا الاطار كشفت اوساط مطلعة ان كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ستكون مستوحاة من الخطوط العريضة لخطاب القسم وللبيان الوزاري الذي يحدد سياسة الدولة، وان هناك اصرارا على ان يشارك رئيس الحكومة سعد الحريري الى جانب رئيس الجمهورية لاظهار صورة وحدة الموقف الرسمي خلافا لما يحاول البعض اظهاره من رغبة في نقل التباينات الداخلية من بعض الملفات الى الخارج، داعية الى انتظار المواقف التي ستكون جامعةوالتي ستكون اولى ثمارها تعيين سفير سعودي جديد في بيروت قبل منتصف الشهر المقبل.

غير ان الاخطر في خضم كل تلك «المعمعة» الربط بين الموقف السعودي المستجد ورسالة «التحذير» التي اراد اجتماع سفراء دول مجموعة الدعم الخاصة بلبنان ايصالها الى الجانب اللبناني الذي لم يكتف بتنبيه السفيرة كاغ، فكان القرار بتوجيه رسالة اعتراض و«تحذير» من مغبة الاستمرار في مواجهة المجتمع الدولي، والا لكان اجتماع دول المجموعة في اليرزة بقي سرياً ولم يُسرب الى الاعلام، وهو ما سيتظهر في التقرير الذي سيصدر عن مجلس الامن منتصف الحالي بمناسبة المراجعة الدورية لتنفيذ القرار 1701، وفي تأجيل عقد اجتماع الدول المانحة، بحسب ما كشف مصدر دبلوماسي غربي في بيروت، مشيرة الى ان مضمون الرسالة يرتكز على التمني على المواقع الدستورية ان تلتزم بالدستور والسياسة العامة ولا تذهب في اتجاه مواقف فئوية تعكس سلباً وظيفة هذا الموقع كضامن لقرارات الشرعية الدولية لا خلاف ذلك، وتاليا عدم استسهال التعاطي مع مواقف من هذا النوع. وتعتبر ان الرسالة وصلت وحدود مفاعيلها لن تتخطى المواقف، على رغم رفع السقف الى حد كبير، ربما تفرضه موجبات خارجية مع تبدل موازين القوى على المستويين الدولي والاقليمي مع الادارة الاميركية الجديدة.

فما الذي يجري بين بيروت والرياض؟ هل هي زوبعة في فنجان ام قرار بدأ تنفيذه في اطار الضغوط الاميركية – العربية التي جرى الحديث عنها في مواجهة ايران وحلفائها؟وماذا ان اصرت السعودية على موقفها بدعم خليجي؟ وكيف سيرد لبنان؟وكيف سيرتد ذلك على الداخل اللبناني؟

الاكيد كما بات واضحا ان ما بعد عمان لن يكون كما قبلها.