IMLebanon

الصراع السعودي – الايراني :  اشتداد لا انحسار ؟

كل مبادرة لملء الشغور الرئاسي، مهما تكن قوتها المحلية، تصطدم بعد الخطوة الأولى بالسؤال عن المواقف الاقليمية والدولية وبالذات عن الموقف في كل من الرياض وطهران. ولبنان ليس البلد الوحيد في المنطقة الذي يتأثر الى حد الشلل في أمور أساسية بالصراع بين السعودية وايران، ويربط رهاناته على نجاح أية حركة جدية بالتفاهم أو أقله بالحد من التوتر بين القوتين الاقليميتين. والباكستان ليست الدولة الوحيدة التي عرضت التوسط لايجاد مخرج من التأزم بين البلدين الصديقين لها، ثم بدأت مهمة التوسط عبر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نواز شريف لكل من الرياض وطهران.

لكن رهانات اللبنانيين، كما الوساطة الباكستانية والمفاتحة الصينية خلال زيارة الرئيس شي جيبينغ والاستعدادات الروسية والتركية للتوسط تبدو محكومة بكون الظروف ليست ناضجة بعد. ولعل ما يختصر هذا الوضع ويقدم الدرس الذي يعرفه البعض ويتعلمه الآخر هو المثل الايراني القائل: دع الصخرة الثقيلة تصل أولاً الى قاع البئر ثم فكّر كيف تخرجها. فالتأزم الذي قاد الى قطع العلاقات الديبلوماسية لم يصل بعد الى حده الأخير. ولا هو نتيجة للاحتجاج الايراني على اعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر وإحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد بمقدار ما هو الإطار الذي تظهر فيه هذه الصور.

ذلك أن الدورين السعودي والايراني في حروب سوريا والعراق واليمن والاستقطاب الحاد في لبنان هما جزء من صراع المحاور الاقليمية المرشح للاشتداد بدل الانحسار. والرفض السعودي للتدخل الايراني في دول الخليج ولحرص طهران على تصدير الثورة ومفاخرتها بمد النفوذ الى أربع عواصم عربية، صار مواجهة مباشرة بعد التحول في سياسة أميركا الشرق أوسطية. لا بل ان الاتفاق النووي الذي اعتبره الرئيس باراك أوباما انجازاً له يحول دون امتلاك ايران سلاحاً نووياً، هو ما يشعل الهواجس في الخليج الذي يقلقه المشروع الايراني ضمن الصراع الجيوسياسي بطابعه المذهبي.

صحيح ان من الصعب حالياً، حتى على أصدقاء أميركا العرب، قياس عمق المياه في التفاهم الأميركي – الايراني الذي لا يزال في بداياته. لكن الصحيح أيضاً أن طهران تتصرف على أساس أن فائض القوة لديها أضيف الىه فائض الربح بعد الاتفاق النووي، وسط الانتقال من الدفاع عن مشروعها الاقليمي الى الهجوم على الخصوم تحت المظلة الروسية وعلى أرض التفاهم مع واشنطن.

ومن الصعب تغطية هذا الواقع بالكلام الناعم الذي يطلقه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف. والأصعب هو ترتيب العلاقات السعودية – الايرانية بالوساطات قبل أن تتبلور الصورة النهائية في حروب سوريا والعراق واليمن.