IMLebanon

“إنقلاب” صعب على “إنقلاب” واقع

 

صخب الأزمات فرض صمت الدخول في السنة السادسة والأخيرة من عهد الرئيس ميشال عون. وإصرار”حزب الله” على الممارسة العلنية للمزيد من الهيمنة في مواجهة الإعتراض عليها يؤكد أن كلفة الرئاسة المتحالفة معه أكبر من كلفة الوصول إليها. وليس إنفجار العلاقات اللبنانية مع السعودية ودول الخليج سوى حلقة في سلسلة من تراكم الشكاوى والخضات في عهد أحرق نفسه من أجل عهد لن يأتي، وتحالف يأخذ البلد الى محور القطيعة مع العرب والغرب. فالدولة توقفت عن الحد الأدنى من لعب دور الدولة. وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ليست حكومة بل تركيبة محكومة من “حزب الله” الذي يذهب الى التصعيد في السياسة الداخلية، ويمارس سياسة خارجية خاصة، وينفرد بقرار الحرب والسلم، ويخوض حروباً في المنطقة. لا حل في الأفق لما سماها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان “أزمة في لبنان، لا أزمة سعودية مع لبنان”.

 

ذلك أن رئاسة الجمهورية مكبلة بحسابات التحالف مع “حزب الله” اللاعب القوي في المحور الإيراني. والحكومة تمارس، بالخيار والإضطرار، “النأي بالنفس” عن مواجهة أية مشكلة في الداخل أو مع الخارج. فهي خارج اللعبة. والمأزق مستمر سواء إستقالت أو بقيت. إذا بقيت، فإنها تعيش على الهامش لتراقب ما يصعب على لبنان المأزوم تحمله من ضرر لمصالحه الوطنية. وإذا إستقالت، فإن الحد الأقصى هو مجيء حكومة من نوعها أو أسوأ منها. وفي الحالين، فإن الأزمة تتجاوزها.

 

وليس ما سلطت عليه الرياض الأضواء القوية سوى ما يهرب معظم القادة من مواجهته، بعضهم بالعجز وبعضهم الآخر بالتواطؤ: هيمنة “حزب الله” على مفاصل السلطة. فما تطلبه، بعدما توصلت الى أن التعامل مع الوضع الحالي “غير مفيد”، هو”حاجة لبنان الى مراجعة وإصلاح شامل يعيد له سيادته ومكانته في العالم العربي، وسندعم أي جهد في هذا الإتجاه” كما قال الأمير فيصل بن فرحان. وهو عملياً إنقلاب صعب على “إنقلاب واقع” يكمله “حزب الله” خطوة خطوة. فلا القيادات والتيارات الداخلية المعترضة على المشروع الإيراني قادرة على تغيير موازين القوى. ولا “حزب الله” يبدو على إستعداد لأن يضع في حساباته موازين المصالح الى جانب موازين القوى. وهي المعادلة التي تتحكم حتى بسياسات القوى الدولية والإقليمية الكبيرة.

 

والموقف الذي يشكل قمة الهرب من الموقف هو تبسيط الأمور على أيدي قوى في الداخل والخارج بدعوة “حزب الله” الى أن يتخلى عن السلاح ليصبح “حزباً سياسياً” لبنانياً. فهو في جانب منه حزب سياسي له تمثيل شعبي وبرلماني وحكومي. لكن ما جرى تأسيسه من أجله يتجاوز ذلك وحتى مقاومة إسرائيل الى لعب أدوار عسكرية وأمنية في خدمة المشروع الإيراني. وتجريده من هذه الأدوار يلغي مبرر وجوده.

 

وقديماً قال فرنسيس بيكون: “على من لا يجد حلولاً جديدة أن يتوقع شروراً جديدة، لأن الزمن أعظم مبتكر”.