IMLebanon

السائقات السعوديّات والسائقون الحكوميون

 

 

لفَتتْنا القبضة النسائية الناعمة على مِقْود السيارة في السعودية، في مقابل القبضة الذكورية المرتخية على مقود تأليف الحكومة في لبنان، وكأنما مقود الحكومة يحتاج الى بعض من اللمسات الناعمة.

عـرَبة تأليف الحكومة عندنا، تصطدم بالأحجام المنفوخة، كلٌّ يضخِّم حجمه وليس من سبيل إلاّ إجراء استشارات نيابية جديدة على أساس «القبّان»، وعلى قدر ما تـزِنُ الكتلُ النيابية من كيلوات اللحم يكون عدد المقاعد.

ولكن، هل يسألون كيف تكون أحجامهم لو تعدَّلت معادلة «القبّان»، وتـمَّ إجراء الأوزان من الأعناق وما فوق…؟

عودةً الى الشقيقة السعودية، وقبل مقاربة الأمر عندها.. فلا ننكرنّ لها فضلاً منذ أن أعلن الملك عبد العزيز بن سعود دعم الحركة الإستقلالية الأولى في لبنان، مروراً بمواكبة حالة الحرب فيه بالقمم العربية والحوارات اللبنانية وصولاً الى اتفاق الطائف الذي أوقف طوفان الحرب.

أما بعد، فلا بدّ من التوقف عند الخطوة التاريخية الحتمية التي انتهجها خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، إنفتاحاً للحجاب على دور المرأة الإنساني والإجتماعي، فكان السماح بفتح أبواب المسارح والمعارض ودور السينما، وثمة طلب رسمي بتعيين النساء السعوديات في سلْكِ القضاء.

ولعلّ أبرز ما استجدّ هي تلك الفتوى التي أصدرها عضو مجلس علماء الدين السعوديين التي تجيز صلاة المسلم في معابد الديانات الأخرى.

في مقابلة أجراها ولي العهد محمد بن سلمان مع صحيفة «نيويورك تايمز» يقول: «إن عهد النبي محمد شهد اختلاطاً بين الرجال والنساء وكانت هناك مسارح موسيقية، وكان احترام للمسيحيين واليهود في شبه الجزيرة العربية..»

لا نريد أن نسترسل هنا في ذكر الكثير من المواقف النبوية والوثائق السياسية للعهد النبوي التي تؤكد اعتبار الدولة الإسلامية وحدة إنسانية بغض النظر عن الطائفة والجنس، وقد جعل النبي من المدينة المنورة أنموذجاً للدولة الوطنية والتعدد الديني فشكَّل فيها المسلمون والمؤمنون «اليهود والنصارى» أمة واحدة، والنبي في الغزوات جمع بين الرجال والنساء وساوى بينهم في غنائم الحرب، حتى إنه قلّد «كعيبة بنت سعد» بعد غزوة خيبر قلادةً هي أشبه بالوسام الحربي.

لعلّ ما يعنينا هنا، هي خطوة التحديث انطلاقاً من القرآن وهو الكتاب الديني الوحيد الذي يتضمن بوضوح عبارة الدولة المدنية… «لا إكراه في الدين». وهو الوحيد الذي يؤكد حرية المعتقد بأقصى توجُّهاته «وقلِ الحقَّ من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» (الكهف: 29).

يقول رائد الإسلام الإصلاحي الشيخ محمد عبده» بتوافق الشورى الإسلامية مع الديمقراطية الغربية ضمن إطار ثقافي إسلامي». ويقول شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق، «هناك عدد من الآيات المرِنة في القرآن تترك مجالاً للتأويل التقدمي في العصور المقبلة وللتطبيقات المتبدلة مع تبدُّل التاريخ».

ولم يستطع أتاتورك النهوض بتركيا الى مستوى التطور الأوروبي إلا برفع بعض القيود الدينية والإجتماعية حتى تلك المتعلقة بشكل السراويل المنتفخة، وبرفع بعض القيود حقَّقت إمارة «دبي» نهضة إستثنائية متحفِّزة، نافست بها أعظم العواصم العالمية تطوراً وتقدماً، فيما كشف وزير الدفاع الكويتي ناصر الصباح عن دراسات جدية لمشاركة العنصر النسائي جنباً الى جنب مع أشقائهن في الخدمة العسكرية.

لـمَ لا…؟ ولتكن المشاركة في كل مرافق الدولة، ألا يقول القرآن: «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» (التوبة: 71).
نتمنى للشقيقة السعودية مزيداً من الإنطلاق في مدارج التطور والإرتقاء.
ونتمنى لأنفسنا وللحكومة في لبنان مزيداً من الصبر والسلوان.