على وقع مواقف وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان التصعيدية ضد حزب الله والتي وصلت حدود «تطييره» بدأ رئيس الحكومة سعد الحريري زيارة عمل الى الرياض كما وصفها مكتبه، بعدما اكتملت الظروف والمواعيد مع كبار قادة المملكة، لفت في يومها الثاني اللقاء مع معالي الصديق ثامر السبهان»، وفق ما ما غرد الشيخ نفسه عبر «تويتر».
المتابعون للزيارة يجمعون على انها لن تكون بالسهولة التي يعتبرها البعض، نظرا للاحراج الكبير الذي يحمله الشيخ معه من بيروت، والتي قد يعود اليها «لا مع سته بخير ولا مع سيده بخير». واذا كان من الواضح حتى الساعة موقف الرياض من التطورات اللبنانية، اذا ما اخذنا كلام الوزير السبهان على انه الخطاب السعودي الرسمي، فان رد الحريري لا يبدو واضحا تماما في ظل التذبذب الكبير في الموقف، الا اذا كان ما يضمره مختلف عما سيطرحه.
وفي هذا الاطار تنحصر النقاشات حول ثلاث خيارات، لا مفر من تجرع كاس احدها،رغم مرارة ثلاثتها وصعوبة السير فيها، سواء قرر بيت الوسط الانقلاب على التسوية الرئاسية، او مخالفة الرياض، او التريث الى حين اكتمال الصورة الاقليمية – الدولية.
ففي الخيار الاول ترى المصادر ان فتح النار ضد حزب الله سيعني تلقائيا انهيار العلاقة القائمة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي ضبطت ايقاع العمل الحكومي حتى اليوم، وفقدان كل الامتيازات التي جناها المستقبل حتى الساعة، وبالتالي سقوط التحالف الاستراتيجي مع التيار الوطني الحر، ما سيجعل ربط النزاع القائم في الحكومة غير ذي جدوى وبالتالي انفراط عقدها، مع ما سيكون لذلك من تاثير على الوضع الانتخابي للتيار الازرق.
اما الخيار الثاني، القائم على مواجهة القرار السعودي ورفض السير في التحالف الذي تسعى الرياض لاقامته ستكون له تداعيات كبيرة، اولا على صعيد الساحة السنية الداخلية، ثانيا على صعيد الغطاء الذي امنته المملكة للشيخ سعد، وثالثا تضييقا على مشاريع الشيخ الاقتصادية ما يعني عمليا ضائقة مالية من جديد، خصوصا ان فريق حزب الله – رئيس الجمهورية لن يكون قادرا على سد العجز الذي سيولده انسحاب بيت الوسط من تحت عباءة المملكة.
يبقى خيار التريث بالتوافق مع مسؤولي الملف اللبناني في عاصمة المملكة، الى حين اتضاح مجرى الرياح الدولية وجدية القرار الاميركي في مواجهة الجمهورية الاسلامية، وهو خيار بدوره سيضعف الحريري ويأكل من رصيده، وعندها سيضطر للتنازل لصالح تحالفات داخلية على غرار اللقاء الثلاثي الذي عقد في كليمنصو.
على هذا الاساس تعتبر مصادر مقربة من بيت الوسط ان الحريري ذاهب باتجاه عقد سلسلة من المشاورات بعد عودته الى لبنان قبل اتخاذ اي موقف من ضمن الثوابت التي باتت معروفة، مشيرة الى ان المملكة لم تطلب من الشيخ اتخاذ اي موقف وكانت سياستها واضحة في خصوص الملفات المطروحة وان اللقاءات حتى الساعة كانت ايجابية وكان هناك تفهم واضح لموقف الحكومة اللبنانية ولحساسية الاوضاع الداخلية.
وتكشف المعلومات على هذا الصعيد ان القرار السعودي بدا واضحا في التصعيد وعدم «المسايرة» و«المهادنة» واستعداد الرياض بالذهاب في معركتها الى النهاية، خصوصا في ظل التغيير الحاصل في السياسة الاميركية، الا ان ذلك لن يصل حدود اسقاط التسوية الرئاسية حاليا، انما ابقاء سيف اسقاطها حاضر في اي لحظة من منطلق جعلها «لا معلقة ولا مطلقة».
وتشير المصادر الى ان الكلام الذي سمعه الحريري وما تبلغه من كل من التقاهم ركز على ان قرار المواجهة الدولية مع حزب الله اتخذ ولا عودة عنه، وان الاسابيع القادمة ستشهد انضمام دول جديدة الى محور العقوبات الاميركية، ما يعني عمليا ان مرحلة السماح للحكومة اللبنانية لن تطول وان لحظة الحسم بدأت تقترب، وما التغلريدات السعودية سوى جرس انذار مبكر للمعنيين.
بين انجازات الامس ووعود الغد الافضل التي اطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جردة حساب عامه الاول في سدة الرئاسة وبين «حمم البركان السعودي» التي اطلقها وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان وتركت «نقزة» في الشارع اللبناني الذي قرأ فيها مؤشرات الى تطورات سلبية على الساحة الداخلية، توزعت المتابعات السياسية رصداً لجديد يبعد شبح القلق والخوف على الاستقرار يترقبه اللبنانيون من بوابة المملكة.
في كل الاحوال يبقى الهم الاساس الذي يؤرق الفريق الحريري هو في النتائج المالية المترتبة على اختياره ايا من الطرق المتاحة امامه، اذ في الخلاصة يبدو ان كل الطرق ستقوده الى طاحونة ازمة مالية، الا اذا قدمت المملكة المطلوب من دعم لاعادة العمل بمحركات التيار وخوض معركة الانتخابات النيابية وفقا للحسابات الجديدة.