Site icon IMLebanon

ما خلفيات وأهداف صندوق المساعدات السعودي ــ الفرنسي؟ 

 

 

هل من مفاجآت تنتظر لبنان في المرحلة المقبلة؟

 

تسلسل الأحداث في لبنان جعل التنبؤ بالتردّي المعيشي أمرًا سهلًا، فالحكومة التي سبقت الأزمة والحكومتين اللتين تلتا، عجزت عن أخذ قرارات تحدّ من تفاقم الأزمة وتطورها السيىء حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. هذا العجز أخر عملية الخروج من الأزمة وهدر الكثير من الموارد المالية التي كان استخدامها الصائب ليحلّ الأزمة ويُخرجنا من هذه الأزمة التي تشعّبت وأخذت أبعادًا أصبح من شبه المستحيل الخروج منها من دون مساعدة خارجية وهذا بغض النظر عن الجهة التي تُقدّم المساعدة.

 

لا تبرير منطقي للاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي قبل توقيع اتفاق أوّلي مع الحكومة اللبنانية على الرغم من غياب أي إجراء عملي مقنع يصب في خانة الإصلاحات، كما أنه لا تبرير منطقي لعودة السفراء الخليجيين إلى لبنان مع غياب إجراءات تدخل ضمن إطار الشروط الخليجية التي نصّت عليها الورقة الكويتية، إلا إذا كان هناك تدخّل خارجي ضغط على صندوق النقد الدولي وعلى الخليجيين.

 

المنطق التحليلي يقول إن القوى السياسية ستكون عاجزة عن القيام بإصلاحات مع تضارب المصالح فيما بينها، من هنا نرى أن هناك تسوية كبيرة جرت أو تجري على الصعيد الدولي – الإقليمي، أغلب الظن بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بتنفيذ فرنسي نظرًا إلى قرب الفرنسيين من كل الأفرقاء في لبنان.

 

الوزير السابق، وئام وهاب، وفي تغريده على توتير، قال إن هناك معلومات عن تسوية كبيرة وسيشهد لبنان بعد الانتخابات ضخ مليارات الدولارات الخليجية في مصرف لبنان على شكل وديعة وذلك بمعزل عن الانتخابات النيابية ونتائجها. لكن السؤال الذي يُطرح هو عن كيفية قبول المملكة العربية السعودية ضخ دولارات في لبنان إذا ما أتت الأغلبية النيابية من محور 8 أذار؟ هذا الأمر برّره الوزير وهاب بالقول إن التسوية تتخطى لبنان والنتائج الانتخابية وهناك فصل بين هذين الموضوعين.

 

في المقابل، إعلان فرنسا والمملكة العربية السعودية عن إنشاء صندوق دعم للبنان الذي قال السفير السعودي في لبنان وليد البخاري إنه صندوق مشترك بين السعودية وفرنسا مخصص للدعم الإنساني وتحقيق الاستقرار والتنمية في لبنان. وأكد البخاري أن «هناك لجنة تحضيرية مشتركة بين فرنسا والسعودية لتقديم الدعم الإنساني وتنفيذ المشاريع في لبنان لان لبنان وشعبه يستحقان ذلك فالوضع صعب في هذه المرحلة». إذا ما الهدف من وراء هذا الصندوق، هل هو إنساني أو سيكون هناك مساعدة مالية للدولة بالتوازي مع قرض صندوق النقد؟

 

الجواب غير محسوم حتى الساعة وبالتالي هناك احتمالان: الأول وينص على أن هذا الصندوق هو إنساني بحت وقد يكون الهدف منه مساعدة الشعب اللبناني على شراء المواد الأولية والغذائية بحدّها الأدنى، والثاني أن يكون هذا الصندوق هو بابا لدعم أكبر وأوسع من مجرد مساعدات إنسانية يكون مدخلا للبنان للخروج من الأزمة.

 

على كل الأحوال الأمور مرتبطة بالتسوية السياسية وقد يكون استخدام الصندوق متُغيّر بحسب المعطيات السياسية وهو ما يرجّح أن حجم هذا الصندوق يرتبط بشكلٍ وثيق بالتطورات السياسية التي قد تتناول ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي. كل هذه السيناريوهات المطروحة لن تحصل إلا بمباركة أميركية.

 

السيناريوهات الممكنة في المرحلة المقبلة تنقسم إلى مجموعتين: الأولى تفاؤلية وتشير إلى بدء الخروج من المأزق، والثانية سوداوية وتشير إلى تردّ على كل الأصعدة وعلى رأسها المعيشي.

 

وبالتالي فإن المرحلة المقبلة على لبنان تتراوح بين هذين الاحتمالين بانتظار مؤشرات إضافية تصب في مصلحة سيناريو معين على حساب سيناريو آخر. لكن في ظل نظرة تشاؤمية، تتجه الأنظار الى موضوعين يقلقان بشكل كبير الشارع اللبناني حيث يتناول الموضوع الأول نقص دولارات الاستيراد، وهو ما قد يتحوّل إلى كارثة في ظل السيناريوهات السوداوية. أما الموضوع الثاني فيتناول سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية والذي قد يأخذ منحى تصاعديا في حال جرى ضخّ ليرات لبنانية في السوق مما يجعل العرض كبيرًا سيدفع المواطن تحت وطأة الخوف إلى الطلب على الدولار الأميركي بشكلٍ كثيف.

 

في هذا الوقت يستمر التجّار في قطف الفرص من هذه الأزمة، وآخر هذه الفرص هو شراء التجار لشيكات بالليرة اللبنانية بقيمة توازي الـ 70% من قيمة الشيك ودفعها للدولة اللبنانية كبدل للضرائب والرسوم. هذا الأمر يحصل تحت أعين الدولة اللبنانية وسلطاتها الرقابية ويُعدّ سرقة موصوفة للمودعين الذين وثقوا بليرتهم وبقطاعهم المصرفي.

 

يبقى القول إن المواطن اللبناني يعيش كل يوم بيومه مع همّ أساسي وهو تأمين لقمة العيش وانتظار المفاجآت السيئة من أي جهة ستأتي. وإذا كان قانون الكابيتال كونترول يوحي بأنه يصبّ في مصلحة المودعين كما يحاول بعض النواب تسويق التعديلات التي يجرونها على مشروع القانون، إلا أن الحقيقة المؤلمة هي أن هذا القانون سيقضي على كل مقومات الاقتصاد اللبناني ويُحوّله إلى اقتصاد اشتراكي – شيوعي وسيؤدّي إلى تردّي الوضع الاقتصادي والمعيشي للبنانيين مع امتناع المستثمرين عن إرسال فلس واحد إلى القطاع المصرفي اللبناني.