أخيراً، «حلّت» المملكة العربية السعودية «كيسها»، وأغدقت على الرئيس سعد الحريري «مكرمة» مالية، بعد طول انتظار. فقد علمت «الأخبار» أن الحريري تسلّم أخيراً 150 مليون دولار، بدأ صرفها على الفور لسدّ متأخرات رواتب الموظفين في مؤسسات تيار المستقبل. وأكّدت مصادر في التيار أن موظفي جريدة المستقبل ومنسقيات التيار تقاضوا رواتب شهرين، والبعض الآخر قبض رواتب عن ثلاثة أشهر عبر شركة «ميلينيوم». أما موظفو التلفزيون فقد تقاضوا راتب شهر واحد، بعدما تقاضوا قبل أسبوعين راتباً عن شهر آخر. ونقلت المصادر أن «الحريري أبلغ أحد المقربين منه، قبل أيام، أن أزمته المالية شارفت على الانتهاء، وأنه سيحصل على دفعات من المال تباعاً».
«رشّ» الأموال في موسم الأعياد يشكّل، من دون شك، طوق نجاة للحريري، بعدما أثار إغلاق حنفية المساعدات نقمة شعبية، وبلغت أزمة الرواتب حدّ الانفجار مع تلويح الموظفين بالتحرك في الشارع، وبعدما كانت كل المؤشرات تؤكّد أن لا حلول في الأفق، مع غرق السعودية في حربها على اليمن. فيما لم تعد التبريرات التي كان يسوّقها المسؤولون في التيار مقنعة للموظفين، حتى الملتزمين حزبياً.
لكن هذه «الانفراجة» المفاجئة فتحت بات التساؤلات حول توقيتها، إذ إنها تأتي بعد الحراك السياسي الأخير لـ»الشيخ المنفي طوعاً»، وبعد لقاء باريس بينه وبين النائب سليمان فرنجية، وتصاعد الحديث عن دعم الأول ترشيح الثاني لرئاسة الجمهورية، بتغطية سعودية، وبالتالي عودة الحريري الى السراي، ما يستدعي عودته من منفاه الطوعي أولاً. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر في تيار المستقبل أن «طائرة الرئيس الحريري ستحطّ في مطار بيروت قريباً جداً، وربما خلال اليومين المقبلين»! وقالت المصادر إن «التسوية التي طرحها الحريري مجمّدة، لكنها لا تزال قائمة»، مشيرة إلى «زيارة نادر الحريري وهاني حمّود لمعراب» أمس، وإمكان أن يكونا قد «حملا رسالة إلى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع باحتمال أن يزوره الرئيس الحريري فور عودته إلى لبنان». وتؤكد المصادر أن عودة الحريري «حتمية وضرورية»، حتى وإن لم تكن مرتبطة بمسار المبادرة، لأن «الحاجة باتت ماسّة الى ترتيب البيت الداخلي في تيار المستقبل حول العديد من المسائل، بعدما بدأت التباينات تنعكس سلباً على نفوذ التيار وحضوره وعلى قاعدته الشعبية»، إضافة إلى «ضرورة تنظيم الخلاف مع مكونات فريق الرابع عشر من آذار، بعد الضربة التي أصابته جراء طرح الحريري تسوية فرنجية».