IMLebanon

المبادرة السعودية.. والفرص الضائعة!

مِن المحزن فعلاً أن يحلّ عيد الاستقلال، وللسنة الثالثة على التوالي، والدولة غارقة في غيبوبة مستدامة، والمؤسسات الدستورية تعاني من حالة انعدام الوزن، ومِن عجز شبه شامل، لم يستطع انتخاب رئيس الجمهورية، إنقاذها منه!

ماذا يعني الاستقلال عندما ينتقل الفراغ الدستوري من قصر بعبدا إلى السراي الكبير؟

ماذا يبقى من الاستقلال في ظل هذا التطاحن، وتلك الكيدية التي تتحكم بمواقف كتل سياسية وحزبية، تدّعي امتلاك سلطة القرار؟

وأين هو الاستقلال في عاصفة التسيّب والضياع التي عطّلت الانتظام العام للدولة، وأفقدت المؤسسات الانضباط المنشود، وأحدثت هذا الخلل غير المسبوق في دورها، وفي أدائها؟

الواقع أن تكرار مشهد الرؤساء الأربعة على منصة العرض العسكري غداً، يرسم صورة قاتمة عن حالة الإرباك التي تلف انطلاقة العهد الجديد، وتهدد بإجهاض موجة الارتياح، التي أعقبت إنهاء الشغور الرئاسي.

لقد استطاعت حكومة تمام سلام أن تقوم بمهام رئيس الجمهورية، طوال فترة الشغور الرئاسي، ووفقاً لما نص عليه الدستور، رغم كل التسويات والصعوبات التي اعترضت تلك المرحلة الصعبة.

ولكن كيف يستطيع رئيس الجمهورية أن يمارس صلاحياته ويشارك في قرارات السلطة التنفيذية، في حال استمرت العثرات على درب الولادة الحكومية الجديدة، وبقيت الحكومة السلامية أسيرة تصريف الأعمال، وفق ما ينص عليه الدستور؟

* * *

ويبقى من حسن طالع اللبنانيين، أن هذا الإرباك المتمادي في الوضع الداخلي، لم يؤثر، حتى الآن على الأقل، على اهتمام الأشقاء والأصدقاء بالتطورات السياسية والرئاسية الأخيرة، وإمكانية توظيفها إيجابياً في تعزيز مسار الاستقرار الهش الذي يعيشه البلد، على إيقاع الانقسامات الداخلية من جهة، واحتدام الصراعات الإقليمية والدولية، خاصة في سوريا والعراق.

وفي هذا الإطار بالذات، تتجاوز زيارة الموفد الملكي السعودي، الأمير خالد الفيصل بروتوكول تقديم التهنئة للرئيس ميشال عون، إلى معانٍ ومدلولات ذات رمزية كبيرة، لجهة تأكيد المملكة وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الحفاظ على العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين، ودحر كل الفبركات والادعاءات التي روّج لها البعض، حول تخلي المملكة عن الروابط التي تجمع الشعبين الشقيقين، إضافة الى المزاعم المعروفة بترك لبنان يدور في الفلك الإيراني، والتخلي عن حلفاء المملكة من المسلمين والعروبيين.

إن اختيار الملك سلمان لأمير مكة المكرمة، صاحب المكانة الوطنية والفكرية والثقافية المعروفة، كموفد شخصي إلى لبنان، يُؤكّد مدى حرص العاهل السعودي على تشجيع خطوات التقارب والحوار بين اللبنانيين، التي أنهت الشغور الرئاسي، وعلى تمسّك المملكة بعروبة لبنان وبأمنه واستقراره.

المهم أن تتلقف القيادات السياسية اللبنانية، مثل هذه المبادرات الأخوية الثمينة، ولا تستمر في خلافاتها، وهدر المزيد من الفرص الضائعة!