Site icon IMLebanon

إشارات سعودية لنوّاب سنّة ومستقلّين: هذا هو الأنسب للرئاسة

 

يحتلّ ملف الحرب في الجنوب صدارة الإهتمامات اللبنانية. وينشغل لبنان الرسمي بتلقّي رسائل التحذير الغربية. ولا تملك الدولة اللبنانية سلطة القرار، لكنها تملك وسيلة الإبلاغ إلى «حزب الله». ويجد المجتمع الدولي في التطبيق الفعلي للقرار 1701 الوسيلة الأهم في دحر المخاطر والحروب.

لا يقتصر التحذير من مغبّة إندلاع الحرب وتوسيع الجبهة الجنوبية على الدول الغربية، بل تُبدي الدول العربية حذراً وقلقاً مما قد تذهب إليه الأمور. وتحاول دول الإعتدال العربي تجنيب لبنان خطر الحرب، وأهم الوسائل هي إعادة إنتاج السلطة إنطلاقاً من إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة فاعلة وبسط الدولة سيطرتها على كل الأراضي اللبنانية وحصر قرار الحرب والسلم في يدها.

لا تعمل الدول العربية بشكل إفرادي أو تملك مبادرة خاصة، بل يتركّز جهدها من ضمن اللجنة الخماسية التي تضمّ، إضافةً إلى الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، كلاً من المملكة العربية السعودية ومصر وقطر.

تريد الدول العربية تثبيت مظلة أمان فوق لبنان، وهذه المظلة لا تتمّ إلا بعد إنتخاب رئيس للجمهورية، وإذا كانت مصر تشدّد دائماً عبر رئيس جمهوريتها عبد الفتاح السيسي على الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، فقطر تتحرّك بالمباشر وتحاول التوفيق لانتخاب رئيس يتمتّع بشبه إجماع داخلي ورضى عربي وغربي لكي يستطيع الحكم تنفيذ الإصلاحات السياسية والإقتصادية والأمنية.

وما لفت الإنتباه، هو الانخراط السعودي المستجدّ أخيراً على خطّ الأزمة الرئاسية، وتبلور موقف الرياض بشكل واضح. ففي السابق وعندما كانت باريس «تطحش» بمبادرة إنتخاب مرشح «حزب الله» رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، أتى الموقف السعودي حازماً في رفض دعم فرنجية، لكنه أكّد لكل المسؤولين الذين التقاهم السفير السعودي وليد البخاري، أن القرار في يد اللبنانيين، معارضين وموالين، ونحن لا ندخل في لعبة الأسماء.

وتطوّر الموقف السعودي لاحقاً برفض مرشح «الممانعة» وسط ضغط «القوات اللبنانية» والمعارضين، لكن الرياض ظلت تقول «تحمّلوا مسؤولية إختياركم، فإذا انتخبتم مرشح «الممانعة» فلن نمانع، لكن إعلموا أنه لا دعم ولا مساعدات للبنان ولا تغيير في السياسة السعودية».

ولكن يبدو أنّ الرياض لم تعد تمانع الدخول في متاهة الأسماء والترشيحات. وتقول المعلومات إنّ السفير السعودي أوحى لنواب سنّة معارضين ووسطيين ومستقلّين في جلسة عُقدت أخيراً، أنّ قائد الجيش العماد جوزاف عون هو الشخصية الأبرز حالياً لقيادة البلاد، لذلك وضعت الرياض مع اللجنة الخماسية ثقلها من أجل إقرار التمديد له، وظهر ذلك واضحاً من خلال رسالة الدعم الكبرى التي تقصّد السفير السعودي إظهارها بزيارته بكركي قبل التمديد بأيام وتحذيره من خطورة الفراغ في المؤسسة العسكرية.

ووصلت الرسالة السعودية إلى النواب السنّة الذين يدورون في فلك المملكة العربية السعودية، والى معارضين آخرين، وكذلك وصلت إلى الأطراف التي تتناغم والسياسة السعودية، وأبلغت الرياض كتلة «الإعتدال الوطني» والنواب السنّة المعارضين والمستقلّين بعدم سيرها بخيار إنتخاب فرنجية أو أي مرشّح آخر لقوى «الممانعة»، ومن ينتخبه عليه تحمّل مسؤولية عمله.

وتعلل الرياض سبب إقتناعها بخيار جوزاف عون بعدّة عوامل أبرزها صعوبة وصول فرنجية أو أي مرشّح للمعارضة بسبب الإصطفاف السياسي الحاد في البلاد، أما السبب الثاني فهو الأداء الجيّد لعون في المؤسسة العسكرية وعدم انغماسه في الفساد، وكذلك حصوله على دعم عربي وغربي كبير يؤهّله للإنطلاق نحو تحقيق الإصلاحات والإنجازات، وإثباته أنه رجل المرحلة الأمنية، خصوصاً مع التحدّيات العسكرية التي تطرأ جنوباً.

ويتلاقى الموقف السعودي مع الموقف القطري وبقية أعضاء اللجنة الخماسية، لكن الواقع السياسي يؤكد أنّ الإشارات السعودية لن تترافق مع ضغط عملاني في انتظار القرار الحاسم من واشنطن ومعرفة كيف ستتجه أوضاع المنطقة، إضافةً إلى نضوج الظروف الإقليمية والدولية.