يبدو أنّ كلمة السرّ الإيرانية بعد الاتفاق مع السعودية برعاية صينية، لم تصل بعد إلى «حزب الله» لتليين موقفه رئاسياً، أو أنّ «الثنائي الشيعي» لا يزال يستثمر في الوقت، ويُسوّق اسم رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، في الداخل والخارج، بأسلوب رئيس مجلس النواب نبيه بري، آملاً في أن يقتنع المعنيّون بأنّ فرنجية ليس رئيس فريق ولا مرشح تحدٍّ، إلى حين استنزاف أوراق إثبات الصلاحية الرئاسية لـ»الزعيم» الزغرتاوي، وساعتئذِ لكلّ حادثٍ حديث.
لكن الإمكانات والإنجازات الافتراضية لفرنجية متى تبوّأ سدة الرئاسة الأولى، والتي يتلوها بري على مسامع من يلتقيهم من سياسيين وديبلوماسيين وإعلاميين، لا يُعوّل عليها بالنسبة إلى جهات سياسية معارضة، هذا عدا عن اعتبار فرنجية مرشح «حزب الله» المرفوض من غالبية الكتل المسيحية وكتل أخرى معارِضة، ما يُسقط عنه صفة «التوافق».
الفريق المُعارض السيادي، وحزب «القوات اللبنانية» خصوصاً، لا يخشى أي مقايضة إيرانية – سعودية على حساب لبنان والطرف السيادي فيه، بحيث تتنازل إيران للسعودية في اليمن مقابل تنازُل الرياض لطهران في بيروت، بدءاً بالملف الرئاسي، خصوصاً بعد ما سُرّب من مسؤولين أميركيين وسعوديين لوسائل إعلامية عن أنّ أولى ترجمات هذا الاتفاق ستكون وقف إيران إرسال أسلحة للحوثيين في اليمن.
بالنسبة إلى «القوات»، الصورة واضحة لطبيعة المرحلة و»المواجهة الدائمة في الاتجاه السيادي ومشروع الدولة». وبالتالي، لا مخاوف على المستوى الرئاسي، إنّما مزيد من المواجهة التي تؤكد أنّها تحرز أهدافها بالنقاط، بحسب «القوات»، فبفِعل هذه المواجهة لا يتمكّن فريق «الممانعة» من إيصال مرشحه الرئاسي. وانطلاقاً من أنّ المواجهة تؤتي ثمارها، وتِبعاً لاتفاق بكين، وعلى رغم طابعه السرّي، إلّا أنّ هذا الاتفاق أرخى وضعية جديدة على مستوى المنطقة، بحسب» القوات».
وهذه الوضعية قوامها نقاط غير قابلة للنقاش لجهة أنّها تصب في مصلحة كلّ فريق في الدول العربية كافةً يدعو إلى احترام سيادة هذه الدول. فعندما ينص البيان السعودي – الإيراني، على احترام المواثيق الدولية وميثاق الأمم المتحدة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فهذا يصب في مصلحة الفريق السيادي ويخدمه. هذا فضلاً عن أنّ كلّ منطق المقايضات الذي يحاول فريق الممانعة الترويج له وتسويقه، ساقط، وفق ما ترى «القوات»، لأنّ البيان السعودي – الإيراني، لجهة سيادة الدول يتعلّق بكلّ دول المنطقة وليس بدولة بشكل استثنائي على حساب أخرى، فأي دولة يبقى فيها ذراع مزعزع للاستقرار سينسحب الوضع الذي يُرسيه على الدول الأخرى لاحقاً.
وبالتالي، إلى حين دخول هذا الاتفاق حيّز التنفيذ، إنّ القوى السيادية والمعنية مدعوة إلى استكمال المواجهة بديهياً وتقليدياً، بحسب «القوات». إذ هناك تحوُّل في ميزان القوى في المنطقة يخدم لبنان، ويجب أن يُترجم في ميزان قوى محلّي، وهذا من وظيفة القوى السياسية اللبنانية السيادية التي عليها أن تعكس هذا الميزان الإقليمي وضعية جديدة في لبنان، من خلال الحد من سيطرة الفريق الممانع على مفاصل الدولة.
حتى الآن، لم يتمكّن «الثنائي الشيعي» من حصد أكثر من 40 صوتاً لفرنجية، لكنّه مواظب على العمل لتأمين 65 صوتاً للمرشح الذي يدعمه إضافةً الى نصاب الثلثين. لذلك بدأ بري حملة ترويج لفرنجية، لكن هذا التسويق لا يستند الى أي وقائع حقيقية وفعلية، بحسب «القوات»، فـ»نحن في زمنٍ آخر، ولم نعد في زمن يُمكن لهذا الفريق إيصال مرشحه». إذ لا على المستوى البرلماني هو قادر على أن يوصل مرشحه، ولا على المستوى الوطني يستطيع «تركيب» تسوية، ولا على المستوى الخارجي هذا الاسم مقبول. وإذ يعتبر «الثنائي» أنّ فرنجية توافقي، إلّا أنّ أي مرشح يُطرح من مربّع «الثنائي الشيعي» هو مرشح تحدٍّ، إن لنتائج الانتخابات بشقيها اللبناني والمسيحي، وإن لإرادة اللبنانيين في ظلّ فريق أوصل لبنان الى الكارثة والانهيار، بحسب «القوات».
وفي سياق حملة الترويج لفرنجية كـ»مرشح توافقي»، قال بري خلال الأسبوع الجاري: «نريد رئيساً للجمهورية قادراً على مقاربة الإستراتيجية الدفاعية… ونحن في حاجة الى رئيسٍ يتحدث مع سوريا بترسيم الحدود وأزمة النازحين». تسويق بري لـ»قدرات» فرنجية هذه «ساقطة» بالتجربة، بحسب «القوات»، ففرنجية لن يتمكّن من الحصول على ما لم يحصل عليه «الرئيس القوي» رئيس الجمهورية السابق ميشال عون حليف «حزب الله» وصديق رئيس النظام السوري بشار الأسد، من «محور الممانعة».
وسبق أن روّج «العونيون» بأنّ عون من خلال علاقته بموسكو وسوريا سيعيد النازحين إلى بلادهم، وهو زار موسكو لهذه الغاية، و»ما طلع من أمرو شي». كذلك لم يتمكّن عون، وعلى رغم «تفاهم مار مخايل» مع «الحزب»، من أن يطرح ويُنجز استراتيجية دفاعية خلال السنوات الست من عهده. وبالتالي، يتحدّث بري، كأنّ رئيس الجمهورية السابق كان من فريق 14 آذار. لذلك، لا يُمكن أن تشغل أي موقع في السلطة، خصوصاً في رئاسة الجمهورية، شخصية ممانعة، بحسب «القوات»، بل يجب أن تتولّى قوى الدولة والسيادة مواقع السلطة. وبالتالي، إنّ مواجهة «القوات» مستمرّة ولا تسوية حول وصول رئيس من «الفريق الممانع».