IMLebanon

رسائل سعودية إلى واشنطن وباريس.. عبر بيروت

يبدو أن الاجراءات السعودية ومعها الخليجية بحق لبنان، باتت تقابل اليوم برفض اميركي واوروبي، يعبّر عنه في كلام صريح ومن خلال تطمينات متلاحقة عن الاستعداد لتزويد لبنان بما يحتاجه في حربه ضد الارهاب، وفي التأكيد على صيانة استقراره وعدم تعريضه لاية خروق كبيرة.

وترى أوساط ديبلوماسية وجوب عدم اغفال ان الموقف السعودي هو نتيجة عوامل عدة، جزء بسيط منها هو الرئاسة والحيز الاكبر هو العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية ودول الاتحاد الاوروبي، وتحديدا فرنسا، بعد فشل الرهانات على امكانية سيرهم بِأُمْنِياتٍ سعودية في الملف النووي وصولا الى الوضع السوري واليمني «وهو عمق الكارثة السعودية».

تشير الأوساط الديبلوماسية إلى ان الجانب السعودي، وفي فترة معينة، اعطى فرنسا دورا في مسألة الضغط على ايران، لا بل فوّضها التحدث باسمه في كل ما يخص الموقف من ايران، وبعد توقيع الاتفاق النووي الايراني كان الفرنسيون اول الذاهبين الى طهران، ومهّد لذلك بسلسلة لقاءات على مستويات مختلفة شهدتها اروقة الامم المتحدة وابرزها بين الرئيسين فرانسوا هولاند والشيخ حسن روحاني.

كان السعوديون يعولون على القمة التي جمعت هولاند وروحاني في باريس، بدليل انه قبل القمة كان كلام بأن الرئيس الفرنسي سيضرب على الطاولة وسيضع ايران امام مسؤولياتها، ليتبين ان روحاني ساق المحادثات الى حيث يريد، فتركّزت على الجانب الاقتصادي والاستثماري وفق سلسلة من الطلبات الايرانية المقرونة بملفات جاهزة بأدق التفاصيل، من اسطول الطائرات المدنية الى حصرية السيارات الى غيرها، وانتهت المحادثات بتوقيع اتفاقات بمليارات الدولارات تشغّل المصانع والشركات الفرنسية، وبعضها كان متعثرا، من 10 الى 15 سنة.

عندما تناول هولاند وروحاني الاوضاع في المنطقة عرّجوا على الملف اللبناني، فقال هولاند لروحاني je souhaite (اتمنى)، ان تؤدوا دورا في الملف اللبناني». فكان جواب روحاني: «نحن مع انتخاب رئيس جمهورية لبنان اليوم قبل الغد، لكن هذا الملف نعتبره ملفا لبنانيا داخليا، ونحن جاهزون لمساعدتكم في الامر»، ولم يتجاوز الحديث عن لبنان اكثر من ذلك. والتمني الفرنسي هو عبارة تقليدية جدا في التخاطب الديبلوماسي، وبالتالي هذا التراجع الفرنسي ازعج السعوديين، كما ان حجم الدور الفرنسي المتصل بملفات المنطقة تراجع لمصلحة ايران.

لا تستبعد الأوساط الديبلوماسية ان يكون القرار السعودي بوقف الهبة «يدخل في خانة اثارة واستفزاز الفرنسيين. فالسعودية في عهد عبدالله بن عبد العزيز مع فرنسا شيء، والسعودية في عهد سلمان بن عبد العزيز مع فرنسا شيء آخر».

وتسأل تلك الأوساط: «في المحصلة ما الذي فعلته السعودية؟، الهبة كانت الى الجيش اللبناني الذي ثبت بشهادة جيوش العالم المتطور انه من اقوى الجيوش، وهناك ضمانات جدية بأن هذا السلاح لن يصل الى حزب الله».

تشير الأوساط الى كلام لرئيس شركة «اوداس» الفرنسية رئيس الاركان الفرنسي السابق ادوارد غييو، وهي الطرف الوسيط في صفقة التسليح وفق الهبة السعودية، يقول فيه: «نحن اعطينا ضمانات للسعودية بقدرتنا على تعطيل السلاح من المصدر عند اي اشارة بأنه ذهب الى غير الجيش اللبناني، لان نظام الاسلحة متطور جدا والتعطيل يحصل من الاراضي الفرنسية». ويضيف: «أبلغنا الجانب السعودي انه سيبقى في لبنان خبراء عسكريون فرنسيون لتدريب ضباط وعناصر الجيش اللبناني على المعدلات الجديدة لمدة ثماني سنوات اضافة الى عملية الصيانة المستمرة، اي ان هذا السلاح سيكون تحت العين الفرنسية الى العام 2026، ونحن قدمنا كل الضمانات بذلك».

وتقول الاوساط انه «لو قدر للهبة ان تستمر فإن الدفعة الاولى من الاسلحة النوعية كان مقدرا لها ان تصل في العام 2018، وما كان سيصل في ايار المقبل هو عتاد خفيف، بينما حاجة الجيش في مواجهة الارهاب هي صواريخ ومدافع وذخيرة وطائرات، والجانب الاميركي لم يبخل في تلبية طلبات الجيش، وفي آخر زيارة لقائد الجيش العماد جان قهوجي الى اميركا قالوا له بأن لا يسأل عن شيء فنحن مستعدون للمساعدة في كل ما يحتاجه الجيش، وحتى طائرات التوسكاندو التي كان يفترض تمويلها من هبة المليار دولار سيرسلها الجانب الاميركي تباعا وحين يستطيع الجانب اللبناني دفع ثمنها في امكانه ذلك».