من موقف الوزير السعودي ثامر السبهان الى زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الى الرياض، خط تصاعدي في المواجهة لمنع «حزب الله» من حجز مقعد للبنان في المحور السوري ـ الإيراني.
الدعوات السعودية كانت موجّهة لأربع شخصيات، على ان يعرف لاحقاً ما هو الجدول الكامل: الحريري، جنبلاط، الجميّل، جعجع. فضّل الحريري ألّا تكون زيارته من ضمن سلسلة دعوات، وتريّث جنبلاط (تحسّباً من ردة فعل «حزب الله») ولبّى جعجع والجميّل، ولن ينتهي مسار عودة السعودية الى بيروت بما تمّ حتى الآن.
في المعلومات انّ الموقف السعودي كان حاسماً في رفض استضعاف «حزب الله» للقرار الرسمي وجَرّ لبنان الى التطبيع مع النظام السوري، ويمكن تلخيص الموقف السعودي الذي سمعه زوّار الرياض بالآتي:
أولاً: جزمت القيادة السعودية بأن لا تعايش ولا قبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وانّ كل ما يُشاع عن موقف المملكة في هذا الصدد غير صحيح، وأن لا مكان للأسد في ايّ حل دائم.
ثانياً: أكدت القيادة السعودية وجود اتصالات عالية المستوى مع الروس والاميركيين في شأن الوضع السوري، وأوحَت أنّ العلاقة السعودية ـ الروسية في تحسن مستمر، وانّ المشاورات وصلت الى طرح الأفكار العملية في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية في سوريا، وانّ الخطوط مفتوحة بكاملها مع الاميركيين بالنسبة الى الملف السوري.
ثالثاً: أكدت القيادة السعودية انّ ايّ سَعي لـ«حزب الله» لاستعمال لبنان بوابة عربية للتطبيع مع النظام السوري مرفوض، ومن غير المسموح «اختطاف لبنان» ووضعه في وجه الدول العربية، واستفراده باستعادة العلاقات مع النظام السوري في وقت تمّ طرده من جامعة الدول العربية بشبه إجماع عربي. وأشارت الى انّ ايّ عودة للعلاقات تحصل بعد عودة مقعد سوريا الى جامعة الدول العربية، وبعد بداية مرحلة انتقالية حقيقية في سوريا.
وتشير المعلومات الى انّ السعوديين وضعوا أمام زائريهم صورة شاملة لما يجري في المنطقة ولما يقومون به من اتصالات وخطوات، من اليمن الى العراق فسوريا ولبنان، مع تقييم للمرحلة المقبلة واحتمالاتها، وانعكاس الأحداث على الملف اللبناني.
في المقابل سمعت القيادة السعودية تشخيصاً لبنانياً لما يجري، سواء من جعجع او الجميّل، ولكلّ منهما مقاربة تقترب من تحديد معالم الأزمة، وتختلف باختلاف الموقع (من داخل السلطة وخارجها).
واعتبر جعجع «أنّ جرّ لبنان الى التطبيع مع النظام السوري لن يحصل، وانّ الازمة في لبنان لا تنفصل بعمقها عن أزمة المنطقة، بسبب سياسة ايران واختراقها للدول العربية، فهذا الاختراق ينفّذ عملياً بأسلوب واحد في اكثر من دولة عربية.
وبالتالي، فإنّ اي حل للأزمة السورية لا بد من ان يكون على أسس واضحة لا التباس فيها، ولا بد من ان يستكمل بالتوازي مع حلّ لبناني في اعتبار انّ سلاح «حزب الله» جزء من استراتيجية في المنطقة، وانّ لبنان يجب ان يستفيد من ايّ حل دائم في المنطقة».
وفي مقاربته للملف السوري، إستذكر جعجع «اتفاق الطائف» ونهاية الحرب في لبنان، التي تحوّلت تسوية غير متوازنة بسبب إمساك النظام السوري بمفاصل الحل، ما أدّى الى «تطبيق سوري» لهذا «الطائف». ونَبّه الى «أنّ أي حل في سوريا لا ينفّذ على أسس واضحة، ووفق ضمانات حقيقية، يمكن ان يتحوّل أرجحية لإيران ولمشروعها».
توحي مناخات السعودية أنّ مرحلة جديدة قد بدأت، فهل ستؤدي الى مسار يستعيد التوازن بعدما اختلّ لمصلحة «حزب الله»؟ الأكيد أنّ التطبيع مع النظام السوري سيكون العنوان الاول للمواجهة في المرحلة المقبلة، وهو عنوان سيطرح مصير الحكومة والتسوية، اذا ما أصَرّ «حزب الله» على المضيّ في جرّ لبنان الى محور إيران.