IMLebanon

هل بدأ لبنان الخطوة الأولى على طريق الألف ميل لانتخاب رئيس للجمهورية؟

الانفتاح السعودي تجاه سوريا جُرعة تفاؤلية قوية يستفيد منها لبنان

رغم الضجيج الداخلي والاهتمام الخارجي فإن ملف الاستحقاق الرئاسي لم يكسر الحلقة المفرغة بعد، حيث الأمور ترواح مكانها وسط ارتباك سياسي واضح إذ لا أحد من الفرقاء السياسيين يستطيع تحديد الاتجاه الذي تسلكه عملية التفاوض بهذا الشأن، وأن جل ما يقال لا يعدو كونه من باب التكهنات والتحليلات، فكلمة السر لم تأت بعد ولم يتلق احد اي إشارات لها وذلك بفعل الغموض الذي ما زال يكتنف المشهد الاقليمي على الرغم من كل ما يقال حول تفاهمات واتفاقات تحصل هنا وهناك.

صحيح ان ما يحصل من حراك خارجي يوحي بأن الملف الرئاسي وضع على نار حامية غير ان الوقائع إلى الآن لم تؤشر إلى حدوث اي خرق قريب في جدار هذه الأزمة، وسط تفاوت في الاراء حول ما يمكن ان يؤول اليه هذا الحراك، فهناك من يقول ان موعد الحل قد اقترب وأن المسافة التي تفصلنا عن انتخاب رئيس باتت قريبة، وهناك من يدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل بانتظار انقشاع الغيوم الاقليمية والدولية التي على أساسها يتحدد مصير الانتخابات في لبنان،  وبما ان الشياطين تكمن دائما في التفاصيل فإنه من الأفضل انتظار الشوط الاخير من عملية التفاوض ان كان على مستوى التفاهم الايراني السعودي أو السوري السعودي، أو ما تقوم به باريس من مسعى على هذا الخط، ففي حال وصلنا إلى تطبيق ما يتفق عليه من خلال هذه التفاهمات بشكل طبيعي وسلس فساعتئذ يمكننا القول بأننا خرجنا من النفق باتجاه نور الحلول ويتم التفاهم على اسم الشخصية التى ستصل إلى سدة الرئاسة.

في تقدير اوساط سياسية ان الوضع في لبنان وعلى الرغم من كل ما يحيط به من تشنج وإرباك هو أفضل بكثير من الاشهر والاسابيع الماضية، فالاهتمام الدولي عاد من البوابة الفرنسية، والملفات الساخنة في الإقليم بدأت تبرد وهي تتجه إلى الحلول، كل هذه الأمور مجتمعة من شأنها ان تنعكس ايجابا على الواقع اللبناني الذي يستفيد من اي هدوء إقليمي مهما كان نوعه وحجمه.

وتعتبر الاوساط ان الانفتاح السعودي على سوريا بعد قطيعة استمرت لأكثر من عشر سنوات والذي سيتوج بزيارة لوزير خارجية المملكة إلى دمشق، ومن ثم مشاركة الرئيس بشار الأسد في أعمال القمة العربية في السعودية في أيار المقبل من شأنه ايضا ان يرفع من منسوب التفاؤل حول إمكانية اقتراب ايجاد الحلول للازمة في لبنان بشقيها السياسي والاقتصادي.

وبخصوص زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي الى بيروت تنفي الاوساط السياسية ان يكون الموفد القطري قد حمل اية مبادرة او مقترحات محددة تتعلق بالاستحقاق الرئاسي، وان مهمته كانت محض استطلاعية لتكوين افكار معينة عن الواقع السياسي الحالي للاستفادة منه خلال مساعدة قطر التي تشارك في اللقاء الخماسي في بلورة اي تفاهم يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية.
اما بشأن الصمت الذي ما زال يلف زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فان الاوساط السياسية تُعرب عن اعتقادها بأن فرنجية سيقوم في الساعات المقبلة باطلاع حلفائه وخصوصا الرئيس نبيه بري على اجواء محادثاته في فرنسا، والصورة التي تكونت لديه من خلال ما سمعه من محادثيه الفرنسيين، لكي يبنى على الشيء مقتضاه، فرعم المعلومات الشحيحة ترى الاوساط ان ما سمعه فرنجية لا يوضع في خانة التفاؤل ولا التشاؤم، وانه بالتأكيد سيكون للحديث صلة بين الجانبين لان هناك مطالب ومقترحات طُرحت خلال الاجتماع وهي تحتاج الى المشاورات بين فرنسا والسعودية من جهة، وبين فرنجية وحلفائه من جهة ثانية، خصوصا انه حُكي بأن فرنسا طالبت فرنجية بضمانات معينة، متوقعة ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود في غضون الايام المقبلة لانه في حال لم يستفد لبنان من هذه المناخات الاقليمية الايجابية الموجودة فان مصيره سيكون الغرق في ازمات اقتصادية ومعيشية سيكون من الصعب الخروج منها وستكون خسائرها اكبر من قدرة لبنان على تحملها.
وترى الاوساط انه من خلال المشهدية الاقليمية والدولية ذات العلاقة بالملف اللبناني يمكن القول اننا بدأنا الخطوة الاولى على طريق الالف ميل باتجاه الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى امكانية ان نلحظ ملامح تباشير سارة وفق ما يحصل من تحولات في المنطقة تصب كلها في خانة الاستقرار وتحسين العلاقات بين العديد من الدول.
اما بخصوص العامل الاقليمي، وما اذا كان بامكان البعض ان يُعطل مفعول اي تفاهم بشأن انتخاب الرئيس تسارع هذه الاوساط الى استبعاد ذلك، مؤكدة انه لطالما كان العامل الخارجي اكثر فعالية من العامل الداخلي فيما خص الاستحقاقات اللبنانية، فعندما تصل كلمة السر من خلف البحار، فالجيمع سيصطف بالصف طالما ان لبنان لم يبلع بعد سن الرشد السياسي منذ استقلاله الى اليوم.