IMLebanon

كمّاشة سعودية – تركية في مواجهة إيران

 

 

يؤكد بعض زوار الرياض أنّ جولة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الخليجية «كانت فاشلة بكلّ المقاييس» في غياب أيّ مبادرة إيجابية في اليمن وسوريا، ولا يتوقعون شيئاً من زيارة نظيره الأميركي جون كيري المقبلة. فالطرفان أمامهما مشكلتان خارجية وداخلية يعالجانها وأنّ الرهان على كماشة سعودية – تركية أجدى لتطويق ذيول الإتفاق النووي. فكيف تقرأ الرياض هذه المعادلة؟

لا يأسف الدبلوماسيون السعوديون على تجاهل رئيس الديبلوماسية الإيرانية محمد جواد ظريف مملكتهم من الجولة الخليجية التي قام بها فور عودته من فيينا بعد توقيع الإتفاق النووي مع مجموعة الـ (5 + 1) وإقرار الإتفاق في مجلس الأمن الدَولي مستظلاً الرعاية الدولية الشاملة التي حظي بها الإتفاق.

وهم يرون أنّ دخول منطقة مجلس التعاون الخليجي من غير بوابتها الأساسية الرياض لا ينفع في شيء ولن تجني إيران من حملتها الديبلوماسية في المنطقة أيّ جديد. فالحلف العربي ـ الخليجي – الإسلامي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية في اليمن في واد، والسياسة الإيرانية في واد آخر ومَن يعتقد أنّ دول مجلس التعاون ستكون صديقة لإيران مخطىء جداً.

ويقول الزوار إنّ على إيران «أن تتخلّى عن عاداتها السيّئة» التي خبرها الخليجيون. وإنّ ذلك لا يتم إلّا برفع اليد عن الحوثيين في اليمن ليعودوا الى التركيبة اليمنية. فمرحلة التغرير بهم والتي أعطتهم حجماً يفوق ما هو واقعي مسؤولية إيرانية قبل أيّ طرف آخر.

وإنّ على اليمنيين أن يعودوا الى سلسلة التفاهمات التي شكّلت خريطة طريق الى حلّ سياسي كان من المأمول أن تُجرى الأمور وفق الآلية التي رسمتها توصلاً الى سيطرة الحكومة الجديدة التي شكلها محمد بلحاج بتوافق الجميع بمَن فيهم الحوثيون لإدارة المرحلة الإنتقالية ما بين عهد علي عبد الله صالح وخليفة خليفته عبد ربه منصور هادي.

على هذه القاعدة يؤكد زوار الرياض أنّ الجولة التي ينوي وزير الخارجية الأميركية جون كيري القيام بها لن تأتي بجديد. فموقف إدارته من الملف النووي قد سبق تحديد مواعيده في الدوحة والرياض، وإنّ العاصمة السعودية على تواصلٍ دائم مع الإدارة الأميركية ولا تنتظر جديداً منها سوى التشديد على مبدأ الشراكة في مواجهة الإرهاب والتدخّل الخارجي في شؤون مجلس التعاون الخليجي، فقبل أزمتَي اليمن والبحرين هناك مشكلة الجزر الإماراتية المحتلة من إيران استعصت على الحلّ ولم تقدّم إيران أيّ مبادرة حتى اليوم.

على هذه الخلفيات، لا يصل زوار الرياض الى حدود إعلان الطلاق مع الإدارة الأميركية. فهم حريصون على هذه الشراكة التي وفّرت تغطية غير مسبوقة لـ «عاصفة الحزم» في اليمن التي أعادت التوازن الى المنطقة بعد مرحلة كان فيها مفقوداً، لا بل فقد بلغت السيطرة الإيرانية حدود تهديد العروش الخليجية. وإنّ مرحلة جديدة تستند الى القدرات الذاتية الخليجية قد بدأت.

فالقدرات العسكرية الموضوعة في تصرّفها لا يُستهان بها وقد شكلت مرحلة جديدة أبعد ما تكون عن الوصاية الخارجية. وهو أمر لا يقلّل من أهميته قادة الرياض لتصحيح الوضع في اليمن واستعادة البحرين استقرارها ومواجهة الإرهاب المنظّم في السعودية من دون أيّ تدخّل مباشَر كما جرت العادة في حروب العراق وأفغانستان وتحرير الكويت فللعملية الأخيرة قواعد جديدة مَبنيّة على استقلالية القرار الخليجي.

أضف الى ذلك يقول زوار الرياض «بعد الإتفاق النووي على إيران أن تفصح عن توجّهاتها السلمية الجديدة على المسرح السوري الذي يشهد على فقدان أيّ جديد. وطالما أنّ الأمر لم يحصل فقد عقدت الرياض الرهان على التفاهم مع تركيا لتغيير الوضع.

وهو مسار بدأ قبل فترة بالتعاون مع قطر والإمارات العربية وغيرها من دول حلف جدة (11 ايلول 2014). ولذلك يتطلّع القادة السعوديون الى العملية التركية في شمال سوريا على أنها الوجه الآخر لعملية عدن التي أعقبت الإعلان عن الإتفاق النووي الإيراني – الغربي. عدا عن أنها تلاقت في إنجازاتها مع ما حققه وليد التفاهم التركي – الخليجي «جيش الفتح» في ادلب وشمال البلاد في مواجهة النظام و»داعش» في آن.

وفي الخلاصة يفهم زوار الرياض أنهم ومع تقديرهم لمواقف الولايات المتحدة وأطراف التفاهم مع «إيران النووية» فإنّ الرهان الحقيقي هو على الكمّاشة السعودية ـ التركية ملاذاً لتغيير كثير من الوقائع التي قد تدفع إيران والغرب معاً الى مقاربة جديدة في ملفَي سوريا واليمن للخروج من أزمتهما بما يضمن استعادة الدولتين وحدتهما بعيداً من مشاريع التقسيم والتفتيت التي يبشر بها البعض.