IMLebanon

الرياض حسمتها: لا مقايضة مع الممانعة

 

تكثر التحليلات حول الموقف السعودي الرسمي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في وقت أثبتت التجارب فشل الفريق الذي يقف في الصفّ المناوئ للرياض في التصرّف بلا وجود إشارات سعودية واضحة. وعمل «حزب الله» وحلفاؤه منذ عام 2005 على محاربة الدور السعودي في لبنان، ولم يقتصر صراع «الحزب» مع المحور العربي الذي تقوده الرياض على الأراضي اللبنانية، بل وصل إلى حدّ إتهام المملكة لـ»الحزب» بزعزعة أمنها وأمن الخليج إضافةً إلى القتال ضدّها في اليمن.

وما هو لافت للإنتباه إستجداء محور «الممانعة» الرياض لنيل رضاها لتمرير اسم مرشحه رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، حيث لا يمانع هذا المحور إعطاء الرياض الدور الأكبر في تسمية رئيس الحكومة شرط العودة إلى لبنان مالياً واقتصادياً لا سياسياً.

ويطرح قادة «الثنائي الشيعي» معادلة قصر بعبدا مقابل السراي، في إشارة إلى عدم إقامة «الثنائي» وزناً للمكوّن المسيحي واقتصار حراكه السياسي على خلق تسوية شيعية – سنية بقيادة طهران والرياض حتى لو لم يوافق حليفهم المسيحي رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل على انتخاب فرنجية.

ويراهن قادة «الثنائي الشيعي» على موقف الرياض الذي قد يمنحهم الرئاسة 6 سنوات متجاهلين موقف باسيل، وبرأيهم أنه بمجرّد موافقة الرياض على مرشّحهم سيسير به أغلبية النواب السنّة و»اللقاء الديموقراطي»، وستؤمّن الميثاقية المسيحية لأنّ حزب «القوات اللبنانية» والقوى السيادية المسيحية الأخرى لن تخالف رغبة المملكة العربية السعودية، وبالتالي تتأمّن الميثاقية المسيحية من خلال «القوات» وحلفائها.

وإذا كان هذا ما يتمنّاه «الثنائي الشيعي»، إلا أنّ رياح الرئاسة مسيحياً وسعودياً تجري عكس ما تشتهي سفنه، فـ»القوات اللبنانية» أعلنت مراراً وتكراراً رفضها إنتخاب رئيس من 8 آذار بغضّ النظر عن الموقف الشخصي من فرنجية، وهذا الأمر باتت على علم به عين التينة وحتى فرنجية شخصياً. وبينما يستمرّ باسيل في عناده لـ»حزب الله»، تظهر إشارات واضحة من الرياض تعبّر عن عدم رضاها عن انتخاب أي مرشّح قريب من «حزب الله»، وحسب المعلومات، رفضت المملكة مقايضة رئاسة الجمهورية مقابل رئاسة الحكومة لعوامل عدّة أبرزها:

أوّلاً: تضع الرياض رئاسة الجمهورية بدرجة الأهمية نفسها لرئاسة الحكومة، لا بل علّمت التجارب أن رئاسة الجمهورية أهمّ بكثير، فالرئيس يتربّع على كرسيه 6 سنوات ولا يمكن لأحد إسقاطه ويستطيع تعطيل تأليف الحكومة وعملها، بينما كرسي رئاسة الحكومة مهتزّة والاستقالة واردة عند حدوث أي هزة سياسية أو أمنية أو إقتصادية.

ثانياً: تعتبر الرياض أن السلطة التنفيذية واحدة ولا يمكن تجزئتها، لذلك ترفض أي مقايضة بين الرئاسة الأولى والثالثة.

ثالثاً: لدى رئيس الجمهورية صلاحيات بالنسبة إلى السياسة الخارجية أكثر بكثير من صلاحيات رئيس الحكومة، وبالتالي ترفض إنتخاب أي رئيس من محور «الممانعة» سيتحوّل إلى وزير خارجية إيران و»حزب الله».

رابعاً: وفق التركيبة الطائفية، فأيّ رئيس حكومة سيوالي الرياض كائناً من كان، لذلك فإنّ الرياض حاصلة على هذا الموقع ومن يطرح عليها المقايضة بين الرئاسة الأولى والثالثة كمن يفاوضها من كيسها.

خامساً: لو تمّ التسليم بحصول مقايضة كهذه فمن يضمن عدم إسقاط رئيس الحكومة من قبل فريق «الممانعة»، فالتجارب السعودية مع هذا الفريق لا تشجّع من 7 أيار إلى إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011 وصولاً إلى تصرّفات الرئيس السابق ميشال عون بعد وعود للمملكة بأنه سيكون متوازناً فور انتخابه.

وبعد كل هذه النقاط، تؤكّد الرياض أهمية إنتخاب رئيس وسطي لا ينتمي إلى محور «حزب الله» لأنّ الحكومة قد تستقيل أو تُقال في أي وقت بينما يبقى الرئيس لـ6 سنوات في خندق «الحزب» وإيران، وهذا ما يدفع الرياض إلى التشدّد أكثر رئاسياً وعدم وقوعها في فخّ «الممانعة».