من البوابة الخليجية، تُحاول السعودية ليّ الذراع اللبنانية. لا يريد حُكّام المملكة «السماح» بتعيين سفير لبناني «شيعي» في الكويت، من دون أن يرفع الجانب اللبناني ولا الكويتي الصوت اعتراضاً على هذه التوجه، فيما يفترض، منطقياً وسياسياً، أن يتم التعامل مع الدبلوماسي بوصفه سفير الدولة لا الطائفة
كلّ المعطيات توحي بأنّ المملكة العربية السعودية حسمت خيارها بتحويل لبنان إلى دولة معادية، أو على الأقل بدأت التهويل بذلك («الأخبار» ــ العدد ٣٢٣٩)، لا سيّما بعد الانتصارات التي حققها المحور الذي تعاديه، مقابل مراكمة محورها للهزائم. «جنون» المملكة ضدّ لبنان سيرتفع، كلّما شعرت بأنّ القرار اللبناني يتفلّت من تحت عباءتها. ولا تصبّ تهديدات وزيرها للشؤون الخليجية، ثامر السبهان، للدولة اللبنانية إلا في هذا الإطار.
راعية فريق 14 آذار الاقليمية ستستعمل كلّ الأدوات لتحقيق غاياتها، بما فيها الورقة الدبلوماسية. فبحسب معلومات «الأخبار»، تضغط السعودية على دولة الكويت لعدم قبول اعتماد السفير اللبناني لديها ريان سعيد، الذي شملته التشكيلات الدبلوماسية التي أقرّتها الحكومة اللبنانية في 20 تموز الماضي. أما السبب «فهو انتماء سعيد إلى الطائفة الشيعية»، بحسب مصادر دبلوماسية. تزامن هذا الأمر مع صدور حكم بحق «خلية العبدلي»، التي تتهمها السلطات في الكويت بالارتباط بحزب الله وإيران، وإرسال الكويت إلى «الخارجية» رسالة تصف فيها تصرفات حزب الله بأنّها تهديد لأمن الكويت واستقرارها. دفع ذلك وزارة الخارجية اللبنانية إلى تجميد ملفّ سعيد، بحجّة تفادي الإحراج في حال رفضت الكويت اعتماد السفير بعد إرسال أوراق اعتماده.
وصلت الأمور حدّ «تدخّل رئيس الجمهورية ميشال عون، عبر التخطيط لتنظيم زيارة رسمية للكويت ولقاء الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح». إلا أنّ سفر الأخير إلى الولايات المتحدة الأميركية، وزيارة عون لكل من باريس ونيويورك، «منعا اللقاء اللبناني ــ الكويتي خلال شهر أيلول. ولكن من الممكن أن يجتمعا على هامش افتتاح أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة»، كما تقول المصادر. في هذا الوقت، وضعت «الخارجية» خطّة بديلة في حال لم تُحل الأزمة، تتمثل في نقل اعتماد السفير ألبير سماحة من عُمان إلى الفاتيكان، بديلاً من جوني إبراهيم الذي من المُتوقع أن ترفض السلطات هناك اعتماده لانتمائه السابق إلى محفل ماسوني. وفي هذه الحالة، يُعيّن الأخير في الكويت، ويُعتمد سعيد في عُمان. وكانت دوائر القرار في قصر بسترس قد طرحت سابقاً التبديل بين إبراهيم في الفاتيكان، وسليم بدّورة في جنيف، كون اعتماد سفير لدى بعثة دولية لا يحتاج إلى أيّ موافقة.
أما بالنسبة إلى بقية البعثات الدبلوماسية، فقد أتت الموافقة من فرنسا والصين والبحرين وسوريا وسلطنة عمان، على تعيين الدبلوماسيين في السفارات اللبنانية لديها. يُذكر أنّ من «الطبيعي» دبلوماسياً أن يتأخر صدور موافقة الدول على تعيين دبلوماسيين لديها، وقد يصل التأخير إلى ستة أشهر. في حال لم يصدر من بعد هذه المدّة جواب سلبي أو إيجابي من جانب إحدى الدول، يُعتبر التعيين مرفوضاً. في ما خصّ تعيين غابي عيسى في واشنطن، تقول مصادر وزارة الخارجية إنّ «ملفّه لم يكتمل بعد. وكانت الادارة الأميركية قد طلبت تعهداً من الخارجية بأنّ عيسى سيتخلّى عن جنسيته الأميركية فور قبول تعيينه. وقد أرسلنا التعهد قبل أسبوع».
من ناحية أخرى، تعمد «الخارجية» إلى إنهاء ملفّ التعيينات في القنصليات العامة، والمراكز الإدارية في البعثات اللبنانية إلى الخارج. يوجد 16 قنصلية عامة، تنقسم بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين. وهي تخضع أيضاً لمنطق المحاصصة السياسية، «لا سيّما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية»، بحسب مصادر مُتابعة. انطلاقاً من هنا، «يُمانع» الوزير جبران باسيل «إعطاء قنصلية وازنة، من حيث عدد الجالية، للقوات اللبنانية. ولن يُلبّى طلبها الحصول على قنصلية ساو باولو أو لوس أنجلس». ومن المفترض أن تؤول القنصليات على الشكل الآتي: أنطوان عيد إلى مونتريال، ميرنا الخولي إلى لوس أنجلس، رودي القزي إلى ساول باولو، شربل معكرون إلى سيدني، عساف ضومط إلى دبي. ومن المتوقع أن تكون قنصلية ريو دي جانيرو من حصة «القوات» ممثلة بجيمي دويهي، في حين أنّ اسمَي قنصلَي لاغوس ومارسيليا لم يُحسما بعد.
وجرى اقتراح تولّي زياد عيتاني لقنصلية ملبورن، وعبد العزيز عيسى إلى الاسكندرية، ومنير عانوتي إلى جدّة، ووليد حيدر إلى ميلانو، ومجدي رمضان إلى نيويورك، وسوزان موزي إلى ديترويت (تنتمي موزي إلى الفئة الثالثة، ولكن الدبلوماسيَّين اللذين يسبقانها بالرتب لم يقبلا بالمنصب)، وغسان عبد الخالق (مُتزوج من ميرنا الخولي) إلى القنصلية الجديدة في فوز دو إيغواسو (البرازيل)، وعلي قرانوح إلى اسطنبول.
وقد جرى تعيين قنصل عام أبو ظبي السابق هادي هاشم مديراً لمكتب الوزير باسيل عوض سفير لبنان لدى فرنسا رامي عدوان.