IMLebanon

الشراكة السعودية – الروسية في النفط والغاز

 

يعود تجاوز سعر برميل نفط البرنت ٦٥ دولاراً للعقود المستقبلية إلى تعاون روسيا، وهي منتج ضخم للنفط، مع السعودية أكبر منتج نفط في «أوبك» لخفض الإنتاج. وأتاح التعاون المستجدّ السعودي- الروسي على أعلى المستويات والذي تكلل بزيارة تاريخية للعاهل السعودي الملك سلمان للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، العمل لتحسين أسعار النفط.

هناك شركات روسية، مثل «روسنفت» و «غازبروم»، كانت مترددة في الموافقة على خفض الإنتاج، لتخوفها من منافسة النفط الصخري الأميركي في حال ارتفعت أسعار النفط وأتاحت للشركات الأميركية الصغرى التي كانت أوقفت إنتاجها هذا النفط الصخري بسبب تدني أسعاره في السوق العالمية. فلا شك في أن منافسة النفط الصخري الأميركي تهدد أسعار النفط، خصوصاً أن الحكومة الأميركية بدأت تسمح بتصدير الغاز والنفط. لكن في النهاية، جاء القرار السياسي الروسي عبر وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك الذي ترأس مع نظيره السعودي خالد الفالح اجتماع «أوبك» ودول من خارجها. وتكرس دور روسيا، لاعباً أساسياً في السوق النفطية إلى جانب السعودية. يمثل ذلك إنجازاً، خصوصاً أن تاريخ روسيا النفطي كان دائماً الادعاء برغبة في التعاون ثم عدم الالتزام به. لكنّ هناك أمراً مقلقاً أيضاً في تحكم روسيا في أسواق النفط، لوجود مصالح كبرى لروسيا مع إيران. فهي تقود حرباً مع إيران في سورية، وحتى إشعار آخر هي حليفة إيران في هذا البلد لحماية النظام فيه. ثم إن اقتصاد روسيا ليس مبنياً على عائدات النفط مثل دول «أوبك». فهناك من يرى في روسيا، مثل وزارة التجارة والاقتصاد، أن أسعار نفط مرتفعة تعزز قيمة العملة المحلية الروبل، ما يرفع سعر الصادرات الروسية ويؤثر سلباً في تجارة روسيا الخارجية.

قد تكون المصالح الآنية مع دول «أوبك» الآن مفيدة، ولكن قد تختلف على المدى المتوسط. فيجدر السؤال إذا كانت الشراكة بين «أوبك» وروسيا، على المدى الطويل، أمراً لمصلحة الحفاظ على سوق نفطية تشهد أسعار نفط بمستويات تريدها «أوبك» مرتفعة، وقد تراها روسيا أنها ليست من مصلحتها. لكن لا شك، حالياً، في أن الشراكة ناجحة وموقف الرئيس فلاديمير بوتين حسم الاختلاف في الرأي السائد داخل روسيا حول الحاجة إلى رفع أسعار النفط. والإرادة السعودية في الاستمرار في هذا التعاون تجلت في تصريحات وزير النفط السعودي خالد الفالح للتلفزيون الروسي في فيينا، مشيداً بهذا التعاون الذي يريده في أكثر من مجال على صعيد القطاع النفطي. وقال بوتين للفالح «اشتروا غازنا فتوفروا النفط». فالسعودية تستهلك كميات كبيرة من نفطها لإنتاج الكهرباء، في حين أن استخدام الغاز يتيح لها توفير كميات نفطها للتصدير. وقال بوتين للفالح خلال إطلاق مشروع نوفاتك الروسية يامال لإنتاج الغاز الطبيعي في تندرا: «إذا استمررنا في العمل كما الآن، فسنتحول من منافسين إلى شركاء». ومما لا شك فيه أن مجال الغاز في روسيا ضخم، كون روسيا أول منتج غاز في العالم ولكن تصدير روسيا الأكبر هو عبر أنابيب الغاز، فضلاً عن تصديره غازاً طبيعياً مسالاً عبر ناقلات غاز. فبوتين الذي كان اتفق في تشرين الأول(اكتوبر) الماضي مع الملك سلمان بن عبدالعزيز على استثمارات مشتركة ضخمة يسعى إلى تعزيز هذه الشراكة مع السعودية، وربما قطاع الغاز يمثل أيضاً مجال لشراكة سعودية كما على صعيد السوق النفطية.