Site icon IMLebanon

التوجّه السعودي نحو الغاء التفاهم بين عون ونصرالله

كان لافتاً منذ بداية شهر رمضان ان يعمد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وفي خلال مآدب الافطار التي اقامها في بيت الوسط ومناطق اخرى الى رفع وتيرة خطابه الحاد ضد حزب الله بعد فترة حملت بعض التهدئة باستثناء «الكليشيهات» الاسبوعية لكتلته النيابية برئاسة فؤاد السنيورة وهي بيانات اصبحت اقل من روتينية ومنطلقها التهجم على الحزب وادائه السياسي داخلياً واقليمياً.

ومن الواضح – بحسب مصدر قيادي بارز – ان الحريري تجنب في كل خطاباته في الافطارات الرمضانية توجيه اي انتقادات او حتى اي اشارة سلبية باتجاه العماد ميشال عون، وهو الامر الذي حمل اكثر من تفسير في هذه المرحلة تحديداً، خصوصاً ان بيانات كتلة المستقبل كانت دائما تتعرض لاداء تكتل التغيير والاصلاح وان بأقل حدة من التعاطي مع حزب الله ولهذا يلاحظ المصدر ان هذا الفصل كان متعمداً لاعتبارات تتعلق بسياسة الحريري الداخلية والخارجية انطلاقاً من عدة امور ابرزها:

1- ما جرى الحديث عنه من نصيحة فرنسية لرئيس تيار المستقبل بالانفتاح على العماد عون والسعي لفتح حوار معه قد يفضي الى تفاهم حول ملف الاستحقاق الرئاسي، حتى ان القيادي المذكور لا يستبعد ان يكون هناك توجه سعودي ايضا للتركيز على انتقاد حزب الله والفصل بين الحزب و«الجنرال»، لان كل ما يهم الرياض في هذه الفترة تشديد الحصار على حزب الله.

2- ان رئيس المستقبل يريد ابقاء «شعرة معاوية» مع عون بعد الانتكاسة التي تعرضت لها مبادرته بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وهو بالتالي يرغب في ابقاء طريق بيت الوسط – الرابية سالكة سياسياً، حتى اذا كانت هناك من مصلحة او معطيات لفتح الحوار كان ذلك متيسراً وأقل ثمناً مما قد يدفعه اذا كانت علاقته سيئة مع الرابية.

3- في اعتقاد الحريري ان الخطاب الطائفي باتجاه حزب الله يفيده اكثر بكثير على المستوى الشعبي من الخطاب الطائفي باتجاه عون وتكتل التغيير والاصلاح.

لكن السؤال الاكثر حساسية، لماذا رفع سقف الخطاب الى هذا المستوى في وجه حزب الله بعد فترة من عقلنة هذا الخطاب؟

في تقدير المصدر القيادي ان ما اصاب رئيس المستقبل في الشهرين الماضيين ليس بسيطاً، ان على مستوى السياسة السعودية تجاهه على المستوىين السياسي والمالي حيث لجأت الرياض الى فتح قنوات التواصل مع معظم القيادات السنية كتعبير واضح عن توجه جديد لدى العائلة السعودية بعدم حسر تحالفها مع الطائفة السنية في لبنان بالرئيس الحريري، بل يبدو انه سيكون واحداً من مجموعة شخصيات ولا يستبعد ان يكون الوزير المستقيل اشرف ريفي احد هؤلاء الشخصيات، وان على مستوى الانتكاسة التي تعرض لها في الانتخابات البلدية في بيروت وطرابلس ومناطق اخرى، بحيث بدا ان شعبية الحريري تراجعت بشكل فاجأ حتى خصوم الحريري نفسه.

ولهذا يشير المصدر المذكور الى ان الحريري وجد نفسه في موقع صعب، بل تعرض بيته «المستقبلي» الى انفتاحات حتى من المقربين منه، ولذلك جاءت حملة التصعيد غير المسبوقة ضد حزب الله لاسباب واعتبارات خاصة به اهمها الاتي:

– اولاً: لم يجد الحريري طريقة لاعادة تقديم «اوراق الطاعة» للسعودية الا من خلال هذه الحملة ضد الحزب، لاعتقاده ان ذلك ارضاء للعائلة المالكة التي ترفع شعار مواجهة الحزب بكل ما تملكه من امكانات، وبالتالي يريد من وراء ذلك توجيه رسالة للرياض بأن دوره ما زال اساسياً في دعم سياسة السعودية، والقيام بكل ما يطلب منه.

– ثانياً: المزايدة على بعض «الرؤوس الحامية» التي تمكنت من خلال التجييش المذهبي والطائفي ان تضعف دوره داخل تيار المستقبل وداخل الطائفة السنية، فرئيس كتلته فؤاد السنيورة مارس في الفترة الماضية هذا الدور التحريضي والطائفي. وثم جاءت انتخابات طرابلس البلدية لتظهر مدى رجحان كفة الذين يعتمدون الخطاب الطائفي والمذهبي، وهو الامر الذي ادى الى خسارة اللائحة المدعومة من الحريري وشخصيات سنية اخرى. فرئيس المستقبل لجأ الى هذا الخطاب لاعتقاده ان ذلك يربحه على مستوى الشارع السني، في ظل سعي البعض في الداخل والخارج لاثارة الفتنة.

– ثالثاً: يريد الحريري ان يهيئ جمهوره خصوصاً والشارع السني عموماً للانتخابات النيابية المقبلة، على أمل ان يؤدي هذا الخطاب الى فوزه بأكثرية المقاعد النيابية السنية ولقطع الطريق على من يعمل لاضعافه وحتى اسقاط دوره في المرحلة المقبلة.