الحفاظ سعودياً على الطائف يمر حكماً بإقصاء عون عن الرئاسة.. وهولاند اقتنع
باريس تسعى إلى تصليب دورها في لبنان بعدما ساءها تضرر مصالحها الاستراتيجية فيه
الملف اللبناني سيكون على الأرجح بين الملفات التي ستثار بين هولاند والرئيس الإيراني نهاية كانون الثاني
يقارب مركز أبحاث فرنسي الاستحقاق الرئاسي اللبناني من باب اتفاق الطائف بالذات. ويقول في دراسة حديثة له ان هذا الاتفاق «تحوّل هوسا» بالنسبة الى المملكة العربية السعودية، وان الحفاظ عليه يمر حكما في مسار «إقصاء العماد ميشال عون عن رئاسة الجمهورية».
ويشير الى ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «يظهر انه اقتنع» بالفكرة السعودية، وان لقاءه في تشرين الثاني 2015 مع الرئيس سعد الحريري في قصر الاليزيه «جعله يتصّلب في تأييده الخيار السعودي. لكن، تسأل الدراسة، هل ان إقصاء عون لمصلحة سليمان فرنجية، حليف المحور السوري – الايراني والصديق الشخصي للرئيس السوري بشار الاسد من دون عقد، خيار واقعي؟». تجيب: «الظاهر ان التأييد الفرنسي لانتخاب فرنجية رئيسا للبنان هو جزء من مقاربة او نهج أكثر شمولا، يرتبط ايضا بالسعوديين والروس والأميركيين والسوريين، اضافة الى الايرانيين.
وتلفت الدراسة الى ان الملف اللبناني سيكون على الأرجح من بين الملفات التي ستثار في باريس في اللقاء المرتقب بين هولاند والرئيس الايراني حسن روحاني والمقرر نهاية كانون الثاني، وهو اللقاء الذي كان مقررا في تشرين الثاني 2015 وأرجئ اثر الاحداث الدامية التي شهدتها العاصمة الفرنسية، لكن من غير ان يفوت باريس ان التأزم الراهن في العلاقة الايرانية – السعودية سيلقي بثقله الكبير على اي جهد مبذول في الشأن اللبناني.
في الموازاة، يرى مصدر ديبلوماسي رفيع ان فرنسا باتت تنظر الى لبنان كورقة هامة في سياق الحفاظ على نفوذها بمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما يفسر زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى بيروت، ومحاولة تحريك المياه الراكدة في الملف الرئاسي الذي اثاره في طهران اكثر من مسؤول فرنسي، آخرهم رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه الذي سبق ان زار بيروت، وقريبا وزير الخارجية لوران فابيوس في زيارته المنتظرة للمنطقة.
ويعتبر المصدر ان «باريس التي ساءها تضرر مصالحها الاستراتيجية في الاقليم المتوسطي، وخصوصا اثر تسارع الاحداث الدراماتيكية وتقدم أدوار اخرى كتركيا ومن ثم روسيا، تسعى الى تصليب دورها السياسي، من البابين السوري واللبناني:
1- هي سعت قبل أيام قليلة من انعقاد فيينا 2 الى إيجاد محط قدم لها في سوريا من خلال دعوة «مجموعة أصدقاء سوريا» إلى عشاء عمل حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وهي دعوة ارادتها باريس ان تتكامل مع جهودها على امتداد الاعوام الأربعة الفائتة في الأمم المتحدة وعلى مستوى تشكيل تحالف أصدقاء سوريا ودعم المعارضة السياسية، وخصوصا بعدما تأثر حضورها اثر التدخل الروسي في سوريا.
2- وهي تسعى الى تحقيق خرق في الملف اللبناني الذي لا تزال تمسك بتأثير ما فيه، بعدما فقدت، أو تكاد، اي تأثير في الملف السوري، مع علمها ان موسكو لا توفر جهدا لمدّ تأثيرها السوري الى الشأن اللبناني، تحقيقا لدور استراتيجي روسي في المنطقة مقرونا حكما بملف النفط والغاز. وتنظر باريس الى ورقتي الرئاسة اللبنانية والمساعدات العسكرية للجيش (الهبة السعودية) باعتبارهما تؤمنان لها حضورا وازنا، في مواجهة التأثير الروسي عبر الديبلوماسية، والتأثير الأميركي السياسي والعسكري عبر الدعم المتواصل للجيش والقوى الامنية».
ويرى المصدر الديبلوماسي ان الحوار الفرنسي مع «حزب الله» جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الفرنسية في لبنان، اذ «عمدت باريس في اكثر من مناسبة الى محاورة الحزب، وكان آخرها في اللقاء الذي جمع لارشيه برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، رغم انها لا تزال تعتبر ان قرار الحزب في طهران التي تبقي الملف اللبناني معلقا لتوظيفه في المقايضات التي يحضّر لها، وخصوصا في الشأن السوري».
ولا تسقط باريس من حسابها امكان ان تستقبل مؤتمرا يجمع الفرقاء اللبنانيين الاساسيين لتسريع حل الأزمة اللبنانية، وخصوصا بعدما بات سليمان فرنجية القاسم المشترك بين عواصم القرار.