IMLebanon

الديمقراطية المتوحشة في لبنان الموحِش

 

ما من أخ عربي يتصل بنا للإطمئنان ونتصل به للتأكيد على أننا صامدون صابرون، إلاَّ ويكاد يقول ما معناه رداً على توضيحنا له بأن أزمتنا في لبنان فعل ديمقراطي،ما هذه الديمقراطية المتوحشة التي تتباهون بها وهل تظنون أنكم موضع إحترام الآخرين عندما يخلو كرسي الرئاسة أكثر من سنتيْن وعندما يلوح في الأفق إحتمال حدوث إنفراجات تمثلت في ملء الفراغ في الرئاسةالأُولى ثم بتكليف القطب المناسب لتشكيل الحكومة، تخرج ذئاب السياسة وثعالبها وأفاعيها كل من ساحته من أجل إلتهام ما في الإستطاعة إلتهامه من مكاسب. وعند التأمل في ما يقال ونبْش ما في الدواخل من أسرار يتأكد لنا ذلك.

من حق إخواننا العرب المتصلين المستفسرين أن يستغربوا هذا الذي يحدث في لبنان وكيف أن تلك الذئاب والثعالب والأفاعي من أهل السياسة لا تأخذ في الإعتبار أن لبنان الذي بات موحِشاً يمكن أن ينهار بسبب هذا السلوك المتوحش في ممارسة الديمقراطية، وكيف أن أولئك المعنيين لا يأخذ الذئب أو الثعلب أو الأفعى منهم بالأصول التي تتعلق بدور الحكومة في أي بلد، حيث أنها لخدمة الشعب وليست مناسبة للإنتقام منه. وعندما لا تمارس هذا الدور فإن الواجب يقتضي تغييرها.

ومن حق إخواننا العرب المتصلين المستفسرين أن يستغربوا بدعة التصنيفات الوزارية وكيف أن هناك وزيراً درجة أُولى لوزارة خمس نجوم وأن هناك وزيراً درجة ثانية وآخر درجة ثالثة لوزارات من نجمتيْن. هذا تصنيف باطل ويصلح في تصنيف الفنادق والمطاعم. أما بالنسبة إلى الحقائب الوزارية فالمعيار هو حُسْن التنفيذ والتفوق في الإنجاز. ونجد أنفسنا نستحضر على سبيل المثال لا الحصر كيف أن الحكومة في بلد عريق في الديمقراطية مثل بريطانيا تتشكل من دون إشتراطات وأن كل ما يتطلع إليه الذين يتم إختيارهم للتشكيلة الوزارية، أو بعضهم، هو عدم ربْطهم بحقائب كتلك التي يجري الصراع عليها في لبنان مثل الخارجية والدفاع، والمالية المصنفة حقائب سيادية، ويفضلون حقائب الخدمات كونها تجعلهم يكتسبون من الأداء الجيد فيها حب النّاس لهم.

ما يحدث في أكثرية الدول العربية المستقرة هو أن الحكومات تتشكل وفق معايير الكفاءة والقدرة على تنفيذ برنامج وبما يُرضي النّاس ويحفظ الكيان ويحقق الإستقرار الذي يُعزّز فرص الإزدهار. لا تستغرق عملية إختيار مَن يترأس ثم كيف يتم إختيار أعضاء التشكيلة الحكومية أكثر من أسبوع في الحد الأقصى. وعندما يتزايد اللغط الشعبي حول ممارسة الحكومة أو بعض الوزراء فيها فإن عملية إستبدالها لا تستغرق هي الأُخرى أكثر من أسبوع في الحد الأقصى ويكون خلاله بدأ التحضير للحكومة الجديدة. وهكذا تسير أمور البلد في طريق الطمأنينة، ولا تكون هنالك ذئاب وثعالب وأفاعي فاغرة الأشداق والأنياب.

ما يخشاه إخواننا العرب المتصلون المستفسرون القلقون على أحوال بلد طالما أحبوه، هو أن تتكرر ظاهرة الفراغ الرئاسي وأن تنتج ظاهرة الفراغ الأُخرى، الرئاسة الثالثة، وعلى أساس أنه ما دام أمضى لبنان سنتيْن من دون رئيس للبلاد لماذا لا يعيش سنة وسنتين في أزمة إنجاز حكومة. وبذلك تكون كلمة الذئاب والثعالب والأفاعي وتحت مظلة الديمقراطية المتوحشة هي الأعلى ويبقى لبنان الموحِش على هذه الحال التي لا تسُر… هذا إذا لم ينته الحال إلى ظلام.

والله المنجي.