في مطار رفيق الحريري الدولي أزمة جديدة بدأت بالإستفحال، تُضاف إلى الأزمات القديمة والمستجدة التي تضرب هذا المرفق الوحيد الحيوي، وما لم يتحرَّك المسؤولون والمعنيون على وجه السرعة للمعالجة، فإنَّ هذه الأزمة ستنفجر وستؤثِّر على سمعة المطار وعلى أدائه.
هذه الأزمة عنوانها الإزدحام من جرَّاء الفوضى ومحاولة الإلتفاف على إجراءات جديدة يرى فيها البعض إجحافاً وتلبية لمصالح شركة ولو على حساب تسهيلات الناس وراحتهم في الوصول والمغادرة.
ما هو تشخيص هذه الأزمة؟
بعد تجديد العقد مع الشركة التي ربحت، أو رُبِّحَت مناقصة المواقف في المطار، اتُخذت إجراءات جديدة من شأنها زيادة أرباح الشركة ولو على حساب أعصاب المسافرين.
في طريق المغادرة يحق للسيارة التي تُقل المغادِر أن تتوقف للحظة عند المدخل وإلا فهي مضطرة إلى الركون في الموقف هذه أول إفادة للموقف.
عند الوصول وهنا الطامة الكبرى، تبدأ المعاناة الحقيقية:
فسيارات التاكسي التي تحضر لتُقل الواصلين، لا يحقُّ لها الإنتظار عند المدخل بل في الباركينغ حيث التعرفة ستة آلاف ليرة لأقل من ساعة وهذه إفادة ثانية، جميع سيارات الأجرة مضطرة إلى الركون في الباركينغ ما عدا تاكسي المطار الباهظة التسعيرات والتي يتحاشاها الجميع لارتفاع أسعارها ولعدم انتظام هذه الأسعار. ولتتفادى سيارات التاكسي العادية وحتى السيارات الخصوصية كلفة الباركينغ، فإنها تعمد إلى الوقوف على جانبي الطريق قبل الوصول إلى الباركينغ ولا تدخل إليه إلا بعد أن تتلقى إتصالاً من المسافر العائد بأنَّه وصل إلى الباركينغ، ويحدث كل ذلك لتخفيف فاتورة الموقف، وهي في الأساس باهظة.
الإنتظار على جانبي الطريق قبل نحو كيلومتر من مدخل المطار، يتسبب بزحمة سير خانقة بحيث أنَّ الكيلومتر الأخير يستلزم بين نصف ساعة وساعة لعبوره، هذا عدا الوقت المستغرَق للخروج من الموقف، بعد الزحمة فيه، وحيث أنَّ له مخرجَيْن عامليْن علماً أنَّ شروط التلزيم كانت تحدَّثت عن تسعة مخارج، فإن نحو ربع ساعة يحتاج إليها العائد لمغادرته.
وهكذا، بين ازدحام الطريق المؤدية إلى المطار، وازدحام الموقف ولا سيما مخارجه، وحصر الوصول إلى مدخل المطار بسيارات تاكسي المطار فإنَّ المواطن مضطر إلى أن يصل إلى المطار قبل أربع ساعات على الأقل من موعد إقلاع طائرته. لماذا؟
لأن المطلوب تنفيع باركينغ المطار، حيث أنَّ هناك ستة آلاف ليرة على الأقل خوَّة على كل عائد لأنه مضطر أن يمرَّ عبر الباركينغ، وتنفيع تاكسي المطار لأنها الوحيدة المخولة الإنتظار على مدخله، لكن تسعيرتها باهظة جداً قياساً بسيارات التاكسي العادية، كما أنَّ تسعيرتها غير ظاهرة للعيان لا على اللوحات ولا في المواقع الإلكترونية.
***
لا تنتهي حكاية المعاناة هنا، الشتاء على الأبواب، فكيف سيتبهدل العائد وهو يحمل حقائبه ليصل إلى الباركينغ تحت الأمطار.
هذا خارج المطار، أما في الداخل فحدِّث ولا حرج:
تبدأ المعاناة بالتصاعد عند السكانر الأول، فكل التأخيرات عند الوصول في الخارج تصب عند السكانر الأول، ولأن الإنتظار يتجاوز الثلاث ساعات بين الدخول إلى القاعات الداخلية للمطار، والمغادرة، فإنَّ تنفيع المحلات في الداخل يبدو شبه إلزامي، وهنا تبدأ معاناة ارتفاع الأسعار:
من قنينة المياه إلى فنجان القهوة وغيره، ولا تنتهي رحلة العذاب الأرضية إلا بعد أربع ساعات من حرق الأعصاب والكلفة الباهظة بين الباركينغ ومحلات المطار.
***
عدا الرحلات إلى أميركا أو إلى أوستراليا، فإنَّ معظم الرحلات من مطار بيروت إلى أي عاصمة أوروبية أو عربية أو أفريقية، تستغرق بين الساعة والخمس ساعات، فهل يُعقل أن يستهلك المسافر أربع أو خمس ساعات للوصول إلى الطائرة ثم خمس ساعات للوصول إلى المكان الذي يسافر إليه؟
بهذا المعنى، فإنَّ الرحلة إلى قبرص لا تستغرق فقط خمسين دقيقة بل خمس ساعات وخمسين دقيقة! الساعات الخمس على الأرض، حتى الدخول إلى الطائرة، والدقائق الخمسون في الجو حتى الوصول إلى قبرص.
***
إنَّه المرفق الحيوي الوحيد، فهل المطلوب إقفاله؟