Site icon IMLebanon

إنقاذ الإسلام من خاطفيه

ليس كافياً ان يتجمع عشرات من زعماء العالم وان يسيروا يداً بيد مع الرئيس فرنسوا هولاند، في أكبر تظاهرة عرفتها فرنسا، تضامناً مع الحرية واستنكاراً للجريمة التي طبعت اوروبا ومجلة “شارلي ايبدو” بالدم بدل الحبر.

ولا كافياً أيضاً ان يصرخ المؤمن بالحرية وبقيم الحوار وبالتفاهم بين الأديان والحضارات “انا شارلي”، لأن شيئاً من قيمة الحياة التي يحبها قد اغتيل في تلك المجلة الفرنسية، لأن الرد على مواجهة الفاجعة لم يكتمل.

كيف؟

كما ان إدانة عملية القتل دفعت اكثر من ٣,٧ ملايين فرنسي الى التظاهر من اجل الحرية والوحدة الوطنية، وفي فرنسا أكثر من خمسة ملايين مسلم بينهم مسؤولون، مثل جانيت بوغراب الوزيرة السابقة وصديقة ستيفان شاربونييه رئيس تحرير “شارلي ايبدو” التي تقول: “لقد مات واقفاً على قدميه وأميناً لقيم فولتير”، كذلك فإن عملية إدانة القتلة الذين نفذوا الجريمة، يفترض ان تدفع الملايين في أي عاصمة عربية أو مسلمة للتظاهر، تضامناً مع قيم الاسلام الدين الحنيف والمتسامح والمتعايش مع الأديان والحضارات الأخرى.

ان التظاهرات الكثيفة ضد القتل في فرنسا، كان يجب ان تتزامن مع تظاهرات كثيفة ضد القتلة في العالم الاسلامي، وخصوصاً مع ارتفاع الشكوى من اختطاف الاسلام على ايدي مجموعات من الارهابيين، الذين يضعون كل المجتمعات الاسلامية في مواجهة العالم، كما سبق لخادم الحرمين الشريفين أن أعلن قبل أشهر.

في هذا السياق أجد ان من الضروري تكرار الإضاءة على الاستطلاع الذي نشرته اسبوعية “دي تسايت” الالمانية وفيه ان ٥٧ ٪ من الالمان يعتبرون “ان الاسلام غير متلائم مع الغرب ويشكل تهديداً”، وان هذا شعور خطر سيقود الى الكراهية التي تذكّر بمعاداة السامية في القرن التاسع عشر.

طبعاً ان الصهيونية يسعدها مثل هذا الاستطلاع وقد لا تكون بعيدة عن التخطيط له، لكن السؤال يبقى لماذا يقدِّم الارهابيون خاطفو الاسلام القرائن الدموية التي تساعد في التوصل الى هذه النتائج الكارثية، والسؤال الأهم الى متى تقبل القيادات والمرجعيات الاسلامية باستمرار هذا الاختطاف، وكيف لها ألا تسابق باريس وان تسعى وتتظاهر لتكون عاصمة العالم ضد الإرهاب، الذي يؤذيها بالتالي أكثر مما يؤذي الآخرين؟

ليس خافياً ان زعماء مسلمين من العالم العربي كانوا في مقدم التظاهرة الى جانب هولاند وهذا جيد ومفيد، ولكن ما هو أهم ان يبحثوا عن وسيلة لإنقاذ الاسلام من خاطفيه، ولا بد من تحية الى سعد الحريري الذي كان سبّاقاً في القول “انا شارلي”، وسبّاقاً أيضاً في الاعلان عن تكفّله إعادة بناء ما خرّبه الارهابيون في جبل محسن الذي لم يكن رؤوفاً معه يوماً.