IMLebanon

انقذوا المقاصد  

 

غير مقبول بأي شكل من الأشكال أن تكون مدارس “المقاصد” مهدّدة في استمراريتها.

 

عار على كل مسلم في لبنان والعالم العربي، وربّـما في العالم أجمع أن تكون هذه الصروح الإنسانية والتعليمية والطبّية والاجتماعية ذات التاريخ الحافل في تنشئة الأجيال المتعاقبة، تعاني أزمات مالية جدّية وخانقة… فيما الأموال الطائلة تنفق حيث لا مبرّر لإنفاقها… أو أن تكون مكدّسة في المصارف والخزائن!.. بينما بقاء هذا الصرح التعليمي – الحضاري – التثقيفي – الوطني يواجه أزمة حادّة وخانقة!

ولا بدّ من التنويه بمبادرة الرئيس الحريري الى الإتصال بسماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وسواه من المعنيّين خصوصاً بوزير المال علي حسن خليل بهدف تأمين المخصّصات العائدة للمدارس المجانية والمؤسّسات الصحّية العائدة لجمعية المقاصد الخيرية.

وحسناً فعل أمناء المقاصد باجتماعهم، أمس، وإصرارهم على أنّ المقاصد مستمرة مهما كانت الصعوبات.

وكم كان لافتاً ما تمّ تداوله ليل أمس على مواقع التواصل الاجتماعي من “نداء الى جميع أهالي بيروت، وإلى جميع الشرفاء” تحت عنوان “المقاصد ممنوع أن تسقط” فالمقاصد تعني بيروت وأبناء بيروت الاصليين!..

ومن باب وضع الأمور في موضعها الصحيح قد يكون ضرورياً التذكير بأننا، في “الشرق”، حملنا همّ “المقاصد” في السنوات الأخيرة خصوصاً، وكتبنا غير مرّة نحث المسلمين والعرب خصوصاً، على القيام بالواجب تجاه “المقاصد”، وليت الجميع ينظرون الى ما تعانيه جمعية المقاصد، على أمل ألاّ يكون مصيرها مثل مصير مستشفى البربير الذي احتضر على مرأى ومسمع من أهل السنّة في لبنان والمنطقة، بينما ازدهرت أربعة مستشفيات شيعية، بالدعم الإيراني المباشر وهي مشافي: الرسول الأعظم وبهمن والزهراء والساحل.

وفي لمحة تاريخية للإضاءة على المقاصد نذكر أنه في وقت كانت “المؤسّسات التبشيرية” تنتشر في بيروت (العثمانية) في القرن التاسع عشر، تأسّست جمعية المقاصد في 31 تموز 1878م. الموافق غرة شعبان 1295هـ. وأطلق عليها مؤسّسوها في منزل الشيخ عبد القادر قباني تسمية “جمعية المقاصد الخيرية” برئاسة الشيخ قباني ذاته وعضوية بشير البربير أميناً للصندوق ومصباح محرم “كاتباً للأعمال”… وتدافع نحو 1500 مقتدر على تمويلها عيّنهم مسيحيون من بيروت وخارجها ومن “بلاد الشام”، وأيّدت الجمعية نظرة رؤيوية الى المرأة (منذ ذلك الحين) فاهتمت بالفتاة المسلمة لإعدادها إعداداً جيداً ليكون لها دور و”مشاركة في تكوين جيل مسلم ناضج ومتفتح” فأنشأت مدرسة للبنات المسلمات… وبعد سنوات أنشأت مدرسة ثانية… وفي العام التالي أنشأت مدرسة للصبيان… ولسنا في وارد السرد التاريخي الطويل الذي يحتاج الى مجلّدات حول هذه الصروح الشامخة… فقط أردنا مما تقدّم أن نلفت الى أنّ المقاصد عريقة ومترسّخة وذات أفضال عميمة يتعذّر تعدادها في هذه العجالة، لنخلص الى أنّ عدم المبادرة الى دعمها وإنعاش مدارسها في العاصمة وخارجها، بمثابة جريمة بحق لبنان والمسلمين فيه وفي دنيا العرب والمسلمين…

من هنا نريد أن نتفاءل بمبادرة الرئيس سعد الحريري التي سيتابعها بالتأكيد حتى تصل الى غايتها النبيلة.

إنّ المقاصد هي أحد الوجوه المشرقة لبيروت وللبنان وللمسلمين عموماً، وأي تعثّر يصيبها ويؤدّي، لا سمح الله، الى إقفال بعض نشاطاتها إنما هو اعتداء على حضارة ووجه لبنان وعاصمته أوّلاً بأوّل…

عوني الكعكي