تقول المعلومات الواردة من الفاتيكان أن الحبر الأعظم البابا فرنسيس كلّف البطريرك بشارة الراعي الموجود حالياً في روما اتخاذ ما يلزم من خطوات وإجراءات لتسريع انتخاب رئيس ووضع حد للشغور في الرئاسة الأولى العائدة وفق تقسيم الطائف للطائفة المارونية، لما يشكل استمرار الفراغ في الموقع الأرفع في الجمهورية من خطر يكاد يلامس الكيان اللبناني والوجود المسيحي في هذه البقعة الحساسة من منطقة الشرق الأوسط.
إذا صحّت هذه المعلومات، ونرجو أن تكون صحيحة لأننا ندرك تماماً محبة الفاتيكان لهذا البلد الذي يشكل نموذجاً في العيش المشترك وفي التنوّع ضمن الوحدة في هذا الشرق، فإن بابا روما أكد من جديد أنه لن يترك هذا البلد غارقاً بالأزمات الكيانية كأزمة تفريغ المؤسسات الدستورية ومنها رئاسة الجمهورية، ويرى أنه لا بد من القيام بعمل ما لإنقاذ الجمهورية، ومع إنقاذ المسيحيين من هذه الورطة التي وقعوا فيها وأوقعوا الشعب المسيحي عن دراية ربما أو حتى من دون دراية.
فالبابا إذاً على حق في أن يوكل إلى البطريرك الراعي، بوصفه بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، معالجة هذه الأزمة بسرعة وبكل دراية قبل أن يسقط الهيكل على رؤوس المسيحيين قبل غيرهم من الطوائف الإسلامية التي ارتضت بهذا اللبنان الواحد الأحد، وذلك بوصف بكركي المرجعية المارونية والوطنية في ذات الوقت والتي باستطاعتها أن تلعب دوراً أساسياً في إنقاذ الجمهورية من خلال اتفاق القيادات المسيحية على واحد من الطائفة المارونية تتوافر فيه مواصفات القيادة وفقاً لما نص عليه الدستور اللبناني المسلّم به من قبل كل الطوائف التي تشكل الكيان اللبناني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع البطريرك الراعي بحكم موقعه ومرجعيته التأثير على كل القيادات المسيحية وإجبارها على الالتفاف حول مرشح واحد يملأ الفراغ في سدة الرئاسة الأولى بعد التجارب الفاشلة التي مُنيت بها مساعيه لجمع هذه القيادات وإقناعها بالاتفاق على هذا المرشح لينقذ الجمهورية كما ينقذ المسيحيين في هذا البلد النموذج في العيش المشترك، وفي تفاهم طوائفه المتعددة على العيش تحت سقف واحد والانتماء إلى وطن واحد موحّد لا تؤثر فيه المؤامرات الاقليمية والخارجية التي طالما حاولت من أجل مصالحها تعريض هذه البلد لأخطار التجزئة والتقسيم، واستطراداً كيف للبطريرك الراعي أن يُقنع الذين يصرّون على صلب المسيح مرة ثانية لحصولهم على مكاسب شخصية، والأدلة على ذلك كثيرة، ظهرت من خلال محاولات البطريرك الراعي التوفيق بين هذه القيادات وبالأحرى إقناعها بتسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية يحافظ على وحدة الشعب والأرض وينقذ الجمهورية من الأخطار التي تهددها من دون أن يلقى آذانا صاغية من قبل فريق يستقوي بجهات أخرى لا مصلحة لها لا في انتظام المؤسسات ولا في الحفاظ على الجمهورية.
لا شك أن البطريريك الراعي سيستخدم التفويض البابوي من أجل الضغط على هذه القيادات وحملها على التخلي عن مصالحها الذاتية لمصلحة الوطن أولاً والمسيحيين ثانياً لكن حظوظه تبقى وفقاً لما هو قائم الآن دون الصفر إلا إذا حصلت معجزة ما، تُعيد الضالين إلى بيت الطاعة.