Site icon IMLebanon

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

 

كم هو الوقت المتبقي والمتاح من الزمن الدولي للعبث اللبناني المستمرّ.. بدون شكّ نعيش في بلد ركيك، ما هي خطوات الإنقاذ الإقتصادي؟ عناوين فضفاضة، مجرّد عناوين، لا تملك الدولة دراسة واحدة واضحة وجديّة عن واقع الأزمة الاقتصادية الكبر وكيفيّة الخروج منها، من المؤسف أنّه لا شيء مدروس في هذا البلد  حتى مشاريعه أو قضاياه الكبرى، بلد «إرتجالي» بكلّ ما للكلمة من معنى، كلّ ما فيه إرتجالي، لم نسمع يوماً عن خطط وضعت للنهوض بقطاع من هنا أو بنية تحتيّة من هناك، وأسوأ ما في هذا الارتجال أنّه وإلى جانب كونه عبثيّ هزليّ أنّه يجد وفي عزّ الأزمات اللبنانيّة الخانقة يجد بعض الفرقاء فيه وقتاً لوصلات الرّدح السياسي وكيل التهم لبعضهم البعض!!

 

تتصاعد الأزمة الاقتصادية الداخليّة وتشتدّ، لا يحتاج اللبناني لا إلى تقارير إخباريّة ولا تحليلات صحافيّة ولا تطمينات مصرفيّة ولا أي نوع من أنواع «الجعدنة» اللبنانية لا لإثارة قلقه ومخاوفه ولا لطمأنته وبثّ التفاؤل من حوله، اللبناني «ابن سوق»، الدورة الاقتصاديّة ماتت فماذا أنتم فاعلون؟ نتمنّى أن يكون بعض المتفائلين على حقّ، ولكن الواقع أسوأ بكثير ممّا يُتصوّر، خصوصاً أن الحديث عن «إصلاح» و»خفض العجز» هو في الحقيقة ليس أكثر من إجراءات أخيرة كتلك التي يجرّبها الطبيب كمحاولة أخيرة لإنقاذ مريض مشرف على الموت، ثمّ لا تجدي كلّ المحاولات ويلفظ المريض النّفس الأخير!

 

«الآن حصحص الحقّ»، الحديث «المستعاد» عن إنقاذ البلد، أو خطط النهضة بالاقتصاد المنهار التي يعدون بها اللبنانيّين، كلّهم لا يملكون لها مشروعاً حقيقيّاً ولا حتى في أضعف الإيمان خطّة طوارىء لمواجهة الواقع الصعب، قبل أيام دعا رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري إلى إعلان حالة طوارىء اقتصاديّة هل أصغى أحد له، هل سمعتم صوتاً مسؤولاً يعلن حالة طوارىء، برأينا الشخصي، ولن تسمعوا، نحن أمام منظومة حكم تتخبّط في رمال متحركة تغرق فيها شيئاً فشيئاً وتغرق معها البلاد، ويبدو أنه قد حكم على لبنان والحكم فيه أن يبقى يدور في حلقة ردود الفعل والعجز عن الإتيان بأي فعل حقيقي!!

 

 

حتّى «التقشّف» في هذه البلاد إرتجالي إلى حدّ لا يُطاق، وكأنّه لا يوجد فيه ذوي اختصاص لإعداد دراسات وافية لهكذا أزمة بكلّ فروعها وتفرّعاتها، أو كأنّه لا يوجد فيه أصحاب اهتمام واطّلاع يشرحون لهذا الشعب المسكين الضائع ما هي ضرورات المرحلة التي نمرّ بها، وكيف سنعبرها، وما هي الخطوات والخطط التي علينا التزامها لنخرج من هذه الأزمة، الارتجال الهزيل «ضارب» أطنابه إلى حدّ سيودي بالبلاد ومن فيها، وإلى حيث ألقت رحلها أم قشعم!

 

لن تجد الحكومة في الأيام المقبلة ما تستطيع أن تشغل به الشعب اللبناني عن الواقع المأساوي الذي بلغته البلاد، سوى أزمة جديدة يفتعلها فريق ما فينخرط الجميع في جنون الأخذ والردّ والهجوم والهجوم المضاد، لإغراق الجميع وإلهائهم عن حقيقة واقع البلاد الخطير والذي يزداد خطورة كلّ يوم أكثر من اليوم الذي قبله، للمناسبة ثمة حقيقة تفرض نفسها بفجاجة أنّ أيّ محاولة لنشر التفاؤل «سياسة الارتجال» كفيلة بالقضاء عليها، فلم يعدّ سرّاً أو خفيّاً أنّ هذه دولة مفلسة أخلاقياً وسياسياً منذ زمن بعيد، وأنّه قد حان وقتها الطبيعي لتصبح مفلسة إقتصادياً، لم تعد مجدية أبداً محاولات تسكين المخاوف الجديّة التي تعصف بأذهان اللبنانيّين الذين يتمسكون حتى اللحظة بصمتهم لأنّهم لا يملكون إلا التزام الصمت، أمّا عن كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي فهذا السؤال يقضّ مضاجع اللبنانيّين ويطرحون حوله ألف علامة استفهام كبيرة وصغيرة، فماذا بعد، وهل هناك من ينهض بإعلان خطة طوارىء واضحة للبنانيين على طريق إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا البلد؟!

 

ميرڤت سيوفي