لا بد من الكتابة عن القمة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين من أجل مساعدة الاردن في الأزمة المالية التي يجتازها، فالوضع في الأردن خطر جداً، فالأردن صمام الأمان بين إسرائيل والفلسطينيين وسوريا والعراق، وهو دور محوري.
إنطلاقاً من ذلك الموضوع اليوم في الاردن هو إقتصادي يعني بصريح العبارة هناك عجز في الميزانية، فالأردن، بكل بساطة، لا يملك مقوّمات إقتصادية توفر له التوازن بين المداخيل والنفقات.
ونستذكر هنا الرئيس الراحل أنور السادات الذي عانى دائماً جراء الأزمة الاقتصادية، وهنا دول النفط خصوصاً المملكة العربية السعودية والإمارات (وهما الأغنى بين الدول العربية) لا يجوز ترك الأردن ليقع ليمداه بالأموال.
نحن العرب دائماً نتأخر، مع الأسف، في اتخاذ القرارات الحاسمة وربما الى أن يكون مفعولها قد سقط.
في العام 1948 طرح علينا المجتمع الدولي عبر هيئة الأمم المتحدة تقسيم فلسطين… فرفضنا، وكان ما كان من فواجع ومآسٍ وحروب وخسائر… الى أن بتنا اليوم نطالب بأقل بكثير من تقسيم فلسطين الى دولتين متساويتين حجماً.
والسادات ترك يتخبّط في أزماته الاقتصادية حتى وقع في الحضن الاسرائيلي.
اليوم إذا فشل الاردن في مواجهة أزمته الاقتصادية الحادة، فإنه سيكون في وضع بالغ الدقة والصعوبة والخطورة، خصوصاً ازاء الارهاب والتطرّف الاسلامي، فهذا النظام المعتدل هو الذي يجعله يتجاوز مشاكله.
من هنا، نرى أنّ الحفاظ على هذا النظام هو أكثر من ضرورة قومية، وفي التفاصيل يتضح أنّ ما يطلبه الاردن لا يوازي شيئاً مقارنة بإمكانات السعودية والإمارات.
واليوم، بدل الاتجاه الى السلاح والحروب لمواجهة الإرهاب فلنذهب الى الإعتدال فهو الذي يتغلّب على الإرهاب أكثر من السلاح، وإنّ نظاماً مثل النظام الاردني شكّل جدار أمان أمام الموجات الارهابية، بمثابة درع واقية… فلا مناص من تقديم الدعم له ليستطيع أن يتجاوز هذه الأزمة التي إذا ما تمادت لا سمح الله، وإذا واصلت تحريكها وتصعيدها أصابع الإرهاب وربّـما أصابع أجنبية أخرى فمن شأنها أن تترك ذيولاً وتداعيات مباشرة تتخطى حدود الأردن من دون أدنى شك.
لذلك لا بدّ من التنويه بمبادرة الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي بادر للدعوة الى قمة دعم الاردن، كون استقرار هذا البلد العربي هو في مصلحة الأمة، والعكس صحيح.
عوني الكعكي