قدر اللبنانيين، انهم يعيشون اليوم في ظلّ حكومة لا تحكم، رغم ادعاء رئيسها أنه حقق 97% من الإنجازات التي وعد بها.
حقيقة، لم يشعر أي لبناني، منذ تولّي هذه الحكومة مقاليد السلطة، أنّ هناك أملاً للإنقاذ… بل على العكس تماماً، شعر اللبنانيون -ولا يزالون- بما آلت إليه الأمور، وبخاصة بعد تمنّع الحكومة وجهابذتها، عن دفع سندات اليورو بوند، أو حتى تمنّعها عن تمديد مهلة التسديد، حتى أنها ذهبت الى أبعد من ذلك بكثير، حين أعلنت صراحة أنها لن تسدّدها قبل 30 عاماً.
هذا القرار أوصل سمعة المصارف اللبنانية الى الحضيض، وأزال الثقة بهذه المصارف… ولست أدري إذا كانت الحكومة تتوقع النتائج السلبية هذه، أو انها لم تكن تتوقّع… فإن كانت عالمة فتلك مصيبة، وإن كانت جاهلة فالمصيبة أعظم.
ولندع الحديث عن حكومة، ليس لها علاقة بالواقع… رئيسها لا همّ عنده إلاّ «لقب دولة الرئيس»، وكأنه ربح جائزة اللوتو بالوصول الى هذا المركز الذي لم يكن يحلم به يوماً…
لندع الحديث عن هذا وذاك… فاليوم اللبنانيون أمام جوع حقيقي… وأقولها بالفم الملآن، والغصّة تكاد تحرقني، فأنا مواطن يحب وطنه، ويغار عليه، ولا علاقة لي بالطائفية أو المذهبيّة… أقول: «لبناننا أمام فرصة أخيرة، وتكاد تكون الوحيدة، إذا لم «نلتقطها» فسوف ندفع الثمن غالياً. ولا يظنّـن أحد أنّ السلاح يمكن أن يحميه، لأنّ الجوع كافر… وهنا لا أستغرب موجات السرقات التي تزداد يومياً. كما لا أستغرب مطالب الناس المحقّة، فالتدهور الاقتصادي أوصلهم الى حافة الفقر في ظل تدنٍّ فاضح وواضح للعملة الوطنية، وازدياد معدلات البطالة، وإغلاق المحلات والمطاعم والفنادق والمصانع والمتاجر أبوابها…
فإلى أين نحن ذاهبون؟
يا جماعة… الى أين تأخذون هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره.
أعود لأؤكد: «ان هناك فرصة وحيدة لا غير، هي تشكيل حكومة مهمّة إنقاذية جديدة من الخبراء والإختصاصيين والمستقلين، لا ينتمي أيٌّ منهم الى حزب أو كتلة، ولا علاقة له بالسياسة والسياسيين… مهمة هذه الحكومة إنقاذ لبنان واللبنانيين وإنقاذ الوضع الاقتصادي.
يا جماعة… مصرف لبنان لم يعد قادراً على دعم المحروقات ولا الدواء ولا الطحين… فهل يمكن لأي مسؤول أن يفكر، ماذا لو توقف مصرف لبنان عن دعم الأدوية؟
نحن بالتأكيد -نعرف أنّ الولايات المتحدة «تحارب» إيران في لبنان من خلال العقوبات على «حزب الله»، وأنها تضع شروطاً تعجيزية على تشكيل الحكومة، إذا كانت ستضم أحداً من «حزب الله» أو الموالين له… وهنا نسأل: أليْس في الطائفة الشيعية الكريمة أشخاص من ذوي الخبرة والإختصاص؟
الطائفة الشيعية الكريمة يا سادة، تزخر بالمواهب والإختصاصيين… فلنأخذ أشخاصاً من هؤلاء ولمدة ستة أشهر فقط.
وأتساءل: هل 6 أشهر ستغيّر تاريخ «الحزب العظيم»؟ وبدوري أوجّه الكلام نفسه لـ»القوات اللبنانية» ولـ»التيار الوطني الحر» ولـ»الكتائب» و»المستقبل»، ولكل الأحزاب في هذا الوطن المنكوب…
ماذا لو أخذتم إجازة 6 أشهر فقط، وأفسحتم في المجال لحكومة خبراء حياديين وإنقاذيين.
أعود الى المبادرة الفرنسية الإنقاذية، التي «بيدها» خشبة إنقاذ الاقتصاد اللبناني، حيث تنتظر هذا الاقتصاد مليارات الدولارات التي أقرتها «سيدر»، هذه المليارات ستُعطى للمؤسّسات والمصانع اللبنانية ضمن مراقبة دقيقة يمارسها المانح، فلا سرقات ولا عمولات.
يا جماعة… مَن يحب لبنان، يحب أهله، وعليه منح هذا البلد فرصة هي الأخيرة… فقد تكون فرصة إنقاذ حقيقية وإلاّ فالوطن الى زوال محقق.